سنتحدث بالأرقام والنسب عن ميزانية التسلح، وفي ذلك لا تختلف الدول الكبرى مع الفقيرة التي يعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر، ومنها دول يعيش شعبها في بيوت من «صفيح»، لكنها وجدت سيادتها وأمنها فوق كل اعتبار. فها هي الجزائر تخصص 13.1 مليار دولار، وهي أكبر ميزانية منذ الاستقلال خصصتها للدفاع وتجديد ترسانتها العسكرية في العام 2015، مما يجعلها أهم القوى العسكرية في إفريقيا، حيث صنفت في المرتبة الـ 31 عالمياً ضمن قائمة الدول التي تنفق أكثر على الدفاع والسلاح، وقبل جارتها المغرب التي عززت قواتها بعتاد عسكري متطور. نأتي إلى لبنان التي يعيش شعبها وجيشها على المنح الخليجية، حيث تبلغ عدد كلياتها العسكرية الرسمية لتدريب الضباط والأفراد 6 مدارس وكليات، منها كليات فؤاد شهاب للقيادة والأركان، والكلية الحربية، ومدرسة القوات الجوية، ومدرسة التزلج والقتال في الجبال، ومعهد التعليم، والمركز العالي للرياضة العسكرية، أما الجيش اللبناني فيتألف من 56.000 من الأفراد، ويعتبر الجيش اللبناني في المرتبة 6 في العالم من حيث النمو وتضاعف عدد الأفراد العسكريين، نتحدث هنا عن دولة يبلغ عدد سكانها 5.9 ملايين نسمة، منهم 3.3 مليون شخص محتاج، حيث ارتفعت نسبة الفقر فيها إلى 61% في 2011. ثم ها هي السودان، والتي بلغ فيها حجم العجز في الميزانية بنحو 6.434 مليار جنيه، فيما بلغ إجمالي ميزانية الأمن والدفاع والداخلية نحو 13.7 مليار جينه، أما نسبة الفقر فبلغت أكثر من 46% في 2011، كما احتلت المرتبة 171 من بين 187 من حيث البلدان الأفقر في العالم، أما دولة أنغولا فقد وصلت ميزانية التسلح فيها للعام 2013 إلى 6 مليارات دولار، وهي دولة يعيش 70% من سكانها تحت خط الفقر. أما ميزانية التسلح في الهند قد بلغت نحو 36.03 مليار دولار أمريكي في العام 2014، وهي دولة تبلغ فيها نسبة الفقر والجهل أكثر من 69% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر. إذاً دول العالم اليوم تتأهب للأخطار، حروب وإرهاب داخلي، دول استعمارية كبرى تسعى للإطاحة بأنظمة دول عربية إفريقية وخليجية لترسم شرق أوسط جديد، لتعيد من خلالها إمبراطوريتها، دول كبرى تعيد هيمنة القوى الصليبية والصفوية وتتقاسم دول العالم بينها، إنه الخطر القادم الذي سيأتي تباعاً، وما الاتفاق الأمريكي الإيراني على الملف النووي إلا بداية مرحلة التنفيذ لهذه المخططات الاستعمارية، التي قد تعيد العالم الإسلامي إلى ما قبل الإسلام، وذلك حين استطاعت بعض الدول مثل الهند وروسيا والصين والكورييتين واليابان، وكذلك الدول الأوروبية من خلال اتحادها لتحصين دولها، حين سعت لامتلاك قوات عسكرية هائلة وأسلحة متطورة، حتى وصلت إلى امتلاك الأسلحة النووية، واستطاعت من خلالها فرض احترام سيادتها والحساب لها ألف حساب من قبل أي قوة عسكرية في العالم. تبقى هنا بعض من الدول الخليج، ومنها البحرين، التي مازالت ميزانية التسلح العسكري والأمني يتم التفاوض عليها، فيبررون ذلك بالمستوى المعيشي للفرد أو بعجز الميزانية، كلها مبررات قد تكون مقبولة لو كانت دول الخليج تنعم بالأمن والسلام، لكن اليوم وبعد أن بدأت طبول الحرب تدق في بعضها، فها هي السعودية ودول الخليج تخوض حرباً، فالمؤشرات ليست حميدة ولا سعيدة، بل تدعو لاتخاذ خطوات جريئة في إعادة النظر في درجة التأهب العسكري والأمني، وذلك لا يكون إلا من خلال رفع ميزانية التسليح في المؤسسات الأمنية والعسكرية وزيادة عدد أفرادها، وإنشاء الكليات العسكرية، وها هي لبنان دولة فقيرة تعيش على إعانات ومنح لديها 6 كليات عسكرية، والأمثلة كثيرة، فقط نماذج تم عرضها، حتى تعي الشعوب أن دولها اليوم تتعرض لأكبر مؤامرة صفوية صليبية، يتحتم عليها أن تتكاتف حول قيادتها لمواجهة هذا الخطر، وأن تنزع عنها استدرار العواطف والتحريض على الدولة، التي لن يستفيد منها إلا أعداء البلاد في الداخل والخارج.