وجدت في بيان إدانة واستنكار السفارة الأمريكية للحادث الإرهابي في كرانة أموراً جيدة، غير أن هناك أمراً أزعجنا بالمقابل كمواطنين نعيش 5 أعوام من الإرهاب والقتل والتعدي على الحرمات في الشوارع.
خروج بيان الإدانة لتفجير كرانة في حد ذاته أمر طيب، كما أن كلمات المواساة ونبذ العنف أيضا كانت جيدة، إلا أن ما ختم به البيان لم يرق لنا أبداً، مع كل احترامنا وتقديرنا للسفير الجديد الذي هو بلا شك أفضل نسبياً من السفير الذي سبقه.
حين طالب البيان بأن يعود البحرينيون للحوار، فإننا نقول إن هذا أمر تم تجاوزه كثيراً، وأحسب أن السفير اطلع على التقارير (حتى وإن كانت التقارير التي تكتبها السفارة غير منصفة أو كما يقال تقارير موجهة وبعين واحدة دائماً وربما تحمل فكر من كتبها وأهدافه) إلا أنه بالتأكد اطلع عليها، فالذي أفشل الحوار عدة مرات هو طرف واحد كان يدخل الحوار من أجل أن ينسحب ويفشل الحوار.
فيا سعادة السفير المحترم اتفقنا معك في أغلب ما جاء في الإدانة، ولم نتفق معك في موضوع الحوار، فلا يوجد بلد في العالم يبقى في (حفلة حوار طرشان) إلى الأبد مع أشخاص يأتمرون من طهران وينفذون أجندتها، رغم أنهم يحملون الجنسية البحرينية، فقرارهم ليس قراراً وطنياً وليس قراراً بحرينياً، فمع من نتحاور؟
غير أنه وبمناسبة الحوار هل تتحاور أمريكا مع الإرهابيين؟
هل تتحاور أمريكا مع من يقتل ويفجر الناس في الطرقات، أم أن الشرطة الأمريكية تحمل السلاح لتقتله أمام الجميع وأمام كاميرات العالم دون رحمة أو شفقة، أو حتى حوار عابر..؟
نقدر علاقة بلدنا بالدولة العظمى، ونقدر دور السفير الجديد الذي هو (حتى الساعة) يبدو أنه أفضل مما سبقه، لكننا لا نقبل أن يملي علينا أحد كيف نتصرف في شأننا الداخلي، ومع من نتحاور، وكيف نتعامل مع الإرهاب الإيراني، لكني تذكرت لبرهة من الوقت كيف تحاورتم مع أسامة بن لادن، وكيف تحاورتم مع صدام حسين..!!
في ذات موضوع تداعيات الحادث الإجرامي الإرهابي في كرانة، قرأت ما جاء من كلام مؤلم لمواطن بحريني كان يعبر الطريق مع زوجته وابنه الرضيع، فهذا الحادث يظهر أن الإرهاب قد يصيب المتعاطفين معه يوماً ما، ويصيب الذين يكتبون يبررون الإجرام وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ويؤيدون أن يتم الإخلال بالأمن، كل من يرهب ويؤيد ويبرر ويدعم ويسوق الإرهاب ينطلقون من منطلق أنهم يريدون استهداف رجال الأمن، وهو كما يقال ضرب عصفورين بحجر (شرطي، وأيضاً ليس من طائفتهم)..!
فالحرب هي ليست على رجال الأمن فقط، ولكنها أيضاً على أهل البحرين، وما تعرض له المواطن عابر الطريق يبين أن أي إنسان يعبر الطريق هو وأسرته قد يتعرض لذلك، رغم أننا لا نتمنى أن يحدث، لكن من يروج للإرهاب ويسوق له قد يكتوي بناره في الطريق وهو لا يعلم.
لنضع كل اختلافاتنا جانباً، فلم أجد رجل دين شيعي قال كلمة حق لله وللوطن إلا ما قاله الشيخ الغريفي حين دان بعبارات كثيرة من يتعرض للناس في الطرقات بالقتل والحرائق والقنابل الحارقة، مثل هذا الكلام نحترمه ليس لشيء ولكن لأنه يتصالح مع الصوت الوطني، ومع شرع الله، ومع حفظ الأمن للناس وعدم التعرض لهم وللحرمات، وللمقيمين والأجانب.
الحادث الآخر المؤلم هو ما تعرض له مواطن من قرية توبلي حين أراد إزاحة الأذى والطوب عن الطريق ليعبر الناس إلى مصالهحم، فما كان إلا أن هجم عليه الإرهابيون وضربوه وشجوا رأسه بالطوب..!
بالله عليكم هل هؤلاء بشر؟
والله لو أن هناك قانوناً في البلد لقطعت أياديهم وأرجلهم من خلاف، لكن ماذا نقول..؟
في حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال بما معناه: إن رجلاً وجد يتقلب في الجنة ليس لشيء عظيم فعله، وإنما أزاح غصن شوك عن طريق المسلمين.
انظروا أين نحن من الحديث النبوي الشريف؟، وأين نحن مما يفعله البعض من استهداف للآمنين وعابري الطريق؟، أين الذين يصعدون المنابر؟، لماذا لا تقولون كلمة حق لله قبل أي شيء؟
أين رجال الدين الذين لديهم حس وبعد وطني وديني حتى يقول للناس إن التعرض للآمنين في الطرقات محرم شرعاً قبل أن يكون محرماً قانوناً؟
بالأمس اقترح ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا قانوناً لمراقبة اتصالات البريطانيين، وعلل ذلك بمواجهة الإرهاب..!
كل دول العالم تفعل ما يلزم لمواجهة الإرهاب (رغم أن رجال الشرطة البريطانيين لا يقتلون بالشوارع) فهل نفعل ما هو مطلوب من أجل مواجهة الإرهاب بالبحرين؟
هل القوانين تطبق؟
هل التوجيهات تنفذ؟
لا نريد أن يفقد المواطن الثقة في قانون وطنه، وفي تصريحات تخرج بعد كل حادث إرهابي، بينما الواقع على الأرض لا يتغير، اللعبة أصبحت بيد الإرهاب، يضرب متى ما أراد ومتى ما شاء، وأين ما شاء.
حين تم القبض على مصورين كانوا يصورون حادث قتل رجال الأمن بكرانة، اتضح لدينا (وهذا منذ زمن يشعر به المواطن وهو أن الإرهابيين يقومون بعمل متكامل، بينما ربما للتو عرف رجال الأمن ذلك) الإرهاب هو سلسلة متكاملة، وإذا كان كذلك، فلماذا لا تجر هذه السلسلة الأطراف الأخرى.
بماذا اعترف المصورون الذين قبض عليهم؟
يقومون بالتصوير لصالح من؟
ومن يدفع لهم، ومن أخبرهم عن وقت ومكان العملية التي سيقتل فيها رجال الأمن؟
هل حصل رجال الأمن على الاعترافات كاملة؟
ولماذا ثلاثة مصورين وليس مصوراً واحداً، هؤلاء يصورون فلماً وليس صوراً عادية.
أعتقد أن عمل المصورين يساوي عمل الإرهابيين، وربما أسوأ؛ فقد قصد من عملهم هذا الترويج بأن عمليات قتل رجال الأمن ناجحة، ومستمرة.
حين قبض على عضو بالوفاق بتهمة تمويل الإرهاب، ألم يعترف على آخرين؟
لماذا تنقطع عندنا سلسلة الإرهابيين؟
من المفترض أنه اعترف على آخرين معه ويجب جلبهم والتحقيق معهم، وهكذا، لكن لا أعرف كيف تدار الأمور هنا..؟
لم يكتمل ارتياحنا بتوقيع عقد السياج البحري الأمني، فجاء حادث كرانة في فترة، وكأنه رد على هذا التوقيع، البعض قال: (اشعقبه، عقب ما اشربت مروقها وانترست البلد متفجرات) وأصبحت المتفجرات متغلغلة بالبحرين..؟
الشكوى لله، هو الحافظ وهو الحامي، وهو الموفق، وهو من بيده أمننا سبحانه، إليك نشكوى حالنا يا الله.