إن كان أحد منا سيقول اليوم كلام مجاملات، أو كلام تطييب خواطر، فإن هذا الكلام محرماً أكثر من سفك الدماء في طرقات البحرين، اليوم بعد كل هذا العدد من الشهداء من رجال الأمن، وبعد كل هذا العدد المهول من المصابين، ينبغي أن نقول كلمة حق لمن يريد أن يسمع صوت أهل البحرين.
نقـــدر كثيــراً جهـــود وزارة الداخليــة ومنتسبيها، ونجلهم ونحترمهم، ونحن معهم في ذات الصف، وفي ذات الخندق، وكل ما نقوله نحسبه يصب في مصلحة البحرين أولاً، ومن ثم من مصلحة وزارة الداخلية، هكذا نأمل ونرجو ونتمنى.
كما أن القرار السياسي الأمني ليس فقط لدى وزير بعينه، من أجل ذلك نقول ما نراه أنه يخدم الصالح العام، مع ازدياد حالات قتل رجال الأمن أصبح حالنا مثل الجراح في جسد كل مواطن بسيط، نحن ننزف حباً وألماً، مثلما ينزف رجال الأمن وهم يؤدون واجبهم في حفظ أمن الوطن، كل هذه العمليات جعلتنا نتألم مثلما يتألم كل إنسان شريف يرى رجال الأمن يسقطون جراء هذا الإرهاب الصفوي المقيت.
غير أن السؤال هنا إلى متى نبقى أمام هذا المشهد؟
نحن كدولة نملك كل شيء، ونملك رجال الداخلية الذين لا يقصرون في واجبهم، ونملك الحرس الوطني، ونملك جيشاً مدرباً تدريباً عالياً وبه من الرجال من تضعهم على يمينك، وإذا كنا نملك كل ذلك، لماذا لا نحفظ أمن وطننا بقرار سياسي نافد؟
إلى متى نترك إيران، وأتباع الولي السفيه يدمرون بلدنا، ونحن نملك في لحظة وبقرار نافد أن نعيد الأمن، وأن نصل إلى كل الرؤوس وكل المحرضين وكل المدبرين، لكننا لا نفعل.
إلى متى هذا التردد في حفظ أمن وطننا؟
هل أصبح قرار حفظ الأمن قراراً مؤجلاً؟
هل أصبح قدرنا أن ننتظر كل يوم خبر تفجير جديد يقتل خلاله رجال الأمن، ويصيب المواطنين والمقيمين الذين يعبرون الطريق؟
هل مساحة البحرين، وعدد سكانها يعجزون الجهات المسؤولة عن الوصول إلى كل الخلايا وكل الإرهابيين؟
لماذا تنجح السعودية في الوصول إلى الخلايا الداعشية النائمة قبل أن تتحرك رغم مساحتها، ورغم عدد السكان وحجم المتعاطفين مع داعش، رغم كل ذلك يصلون إلى الخلايا النائمة وينجحون، كما نجحوا في حربهم الشرسة ضد القاعدة قبل ذلك.
أليست هذه أسئلة مؤلمة لنا في البحرين؟
نقول إننا نحارب الإرهاب، بينما كل جهة رسمية تعمل دون ارتباط أو تواصل مع الجهات الأخرى، وأحياناً هناك جهات تريد إفشال جهات أخرى، ونحن في دولة واحدة، هل يستقيم هذا مع محاربة الإرهاب؟
القضايا متأخرة في المحاكم، وكما يقال إن الإرهابي الذي دهس رجال الأمن حتى ماتوا في 2011 لم يصدر عليه حكم نهائي حتى الساعة..!
هل هناك من يتخيل الحال الذي نحن فيه؟
أستميح الجميع العذر، رغم كل محبتنا لكم، وإجلالنا، وتقديرنا، لكننا نحب البحرين أكثر، فهل أنتم تتخذون القرارات الحازمة والقوية لحفظ الأمن؟
هل لدينا مشروع متكامل بين كل الجهات المعنية لمحاربة الإرهاب، وفي التواصل فيما بينها والتنسيق وضرب الإرهاب بقوة وبيد واحدة وتنسيق مشترك؟
هل يعقل ونحن في بلد صغير لا نستطيع ان نصل الى الخلايا النائمة بعد؟
أليس في ذلك قصور في العمل الاستخباراتي؟
لماذا لا نتعلم من السعودية وهذا ليس عيباً؟
في غمرة أحداث 2011 جمعني حديث مع أحد الأشخاص عن جهة لها علاقة بالأمن، فقال هل تعلم أن ميزانيتنا قلصت؟
وقلت في نفسي كيف يحفظ أمن الوطن وبعض الجهات القوية التي يجب أن تبقى قوية دائماً (زعل بسيوني أم رضي) بينما لا نضع لها ميزانيات محترمة من أجل القيام بدورها؟
يشهد الله أننا نطرح ما نطرح ليس لأننا ننتقد أشخاصاً في مناصبهم، لا والله ليس هذا همنا، ولكن من يحب وطنه يجب أن يقول كلمة حق، أن يشعر أنها تخدم الوطن، ونحن نجتهد في ذلك، ونخطئ ونصيب مثل باقي البشر.
يتسرب لدينا شعور أن النية ليست قوية من أجل محاربة الإرهاب، قد يكون ذلك ليس صحيحاً، لكن هذا الشعور يتسرب للناس مع ازدياد وكثرة العمليات الإجرامية الإرهابية.
لا يمكن أن نقبض على خلية إرهابية، ولا يقودنا ذلك إلى خلايا أخرى، إلا إذا كان هناك ضعف في التحقيق، أو في استخلاص المعلومة من المجرمين، لا نريد التعدي على أحد، ولا نقبل ذلك، ولكن التعامل مع الإرهابي يختلف عن التعامل مع القضايا الأخرى، انظروا كيف تفعل الشرطة الأمريكية في الشوارع مع الإرهابيين، الشرطي يدهس برجله على رقبة المتهم، إنه الأمن يا عزيزي، من يفرط فيه يفرط في سيادة الدولة وفي اقتصاد وطنه، وفي تنمية البلاد، وفي حياة الناس الآمنين.
لنترك المجاملات جانباً، نحن أحوج ما نكون إلى قبضة حديدية، وإلى سطوة وجبروت القانون، فلا خير في قانون لا يحفظ أمن المجتمع، هذه الصورة أمامكم، والمؤشرات أمامكم، وأماكن تكرر عمليات الإرهاب تعرفون أين هي، فماذا ننتظر؟
السؤال هنا: أين تخزن كل هذه المواد المتفجرة؟
ألم تصل الجهات الأمنية إلى تلك الأماكن بعد رغم أنها تملك أجهزة متقدمة؟
الذي يشن حرباً إرهابية مسعورة على البحرين وأهلها يجب ان يسدد فاتورة باهظة الثمن في كل جوانب حياته، هو وكل محيطه، لكن هذا في البحرين لا يحدث، بل أصبحنا نعطي الإرهابيين بيوت إسكان، وبعثات، ومشاريع من تمكين وبنك التنمية، ونعطيهم بدل تعطل، وبدل غلاء، أي بلد وأي نظام في العالم يفعل ذلك؟
أليست إيران قبلة الإرهابيين، طبقوا عليهم ما تفعله إيران التي تشنق المعارضين برافعات في أماكن سكنهم وأمام الناس وربما بدون محاكمة.
أحياناً نشعر أن عدونا يحاربنا بكل ما هو قاتل، وكل ما هو شديد الانفجار، بينما نحن نحاربه برشاش ماء، أو مسدس ماء، يتسرب إلينا هذا الشعور كلما وقع حادث ارهابي جديد..!
أي إرهاب تريدونه أن ينتهي، إذا صحت مقولة أن بعض المسؤولين قد كبلت أياديهم حتى لا يحاربون الإرهاب بشكل أقوى وأشمل، (إن صحت هذه المعلومة) فهذا يجب أن ينتهي اليوم، وليس غداً، أرواح رجال الأمن في أعناقكم، والدماء التي تسيل في الشارع ينبغي ان تتوقف، يقابل ذلك تنفيذ أحكام الإعدام المعطلة، وتحريك القضايا التي تراوح في المحاكم دون أن يفصل فيها، وهذا يظهر صورة أخرى وهي تأخر إجراءات التقاضي بالمحاكم وهي كارثة أخرى.
وهذا مؤسف جداً، وهو مرتبط بحقوق الناس، ومصالح الناس، فلا تجعلوا المحاكم مكاناً لتعطيل القضايا وتعطيل تنفيذ الأحكام، أكاد أشفق على المسؤول عن ذلك، فهي في رقبته إلى يوم الدين، وحقوق الناس لا يغفل عنها رب العباد.
الحرب على الإرهاب لا ينبغي أن تهبط (أياماً) وتنشط بعد كل حادث إرهابي، الحرب على الإرهاب (مشروع دولة) هكذا يجب أن يحدث، لكن مع عميق الأسف أصبح حالنا هكذا، تحركات بعد كل عملية، ومن ثم نخمد ونهجع، ونركن للأرض، هذا محبط، من أجل ذلك نجد هناك فشلاً وقصوراً في الوصول إلى الخلايا النائمة.
نحتاج إلى عمل متكامل بين أجهزة الدولة لمحاربة الإرهاب، أي اسم إرهابي لدى الداخلية يجب أن يعمم على كل الوزارات والهيئات الحكومية، وعلى الشركات التابعة للدولة، حتى لا تقدم له خدمات الدولة.
الطريق الذي نسير عليه اليوم (مع عميق الأسف وبمكاشفة واقعية) لا يقود إلى إنهاء الإرهاب، هذا طريق يسمى طريق (التعايش مع الارهاب) وجعله يضرب متى ما أراد وكيفما أراد، وهذا مؤلم لنا كشعب.
القرار الحاسم والحازم ضد الإرهاب (وهو قرار دولة) نتمنى أن يصدر اليوم، وليس غداً، وإلا فإن الارهاب يتطور ويتوسع، ولن يقف عند حدود معينة، ولن يقف عند استهداف رجال الأمن وحسب..!
** رذاذ
لا أرى لماذا تذكرت مع حادثة قتل رجال الأمن على شارع البديع، مشروع الثقافة والأشغال لتجميل هذا الشارع..!
ألا تشاهدون أن هناك من هم في غيبوبة عن واقعنا، بل إنهم منفصلون عن هموم وأوجاع أهل البحرين ويعيشون في وهم كبير، تجميل (الوجه القبيح) حرام يا ثقافة ويا أشغال..!
الأماكن التي تحتاج إلى تجميل لا تجمل، وأماكن الإرهاب والتخريب والحرق نخصص لها ميزانيات لتجميلها، في وقت وصلت فيه أسعار النفط إلى الأربعين دولاراً..!
الذين في غيبوبة يحتاجون إلى (رشة ماء بارد) حتى يفيقوا مما هم فيه من وهم، ومن أجل أن يعيشوا واقع أهل البحرين الحقيقي..!