مع مطلع الأسبوع الجاري، جرت حملة منظمة في دولة الكويت الشقيقة تحت عنوان «خلوها تخيس»، وتهدف الحملة إلى الضغط على الباعة من العاملين في سوق السمك الكويتي من أجل خفض الأسعار التي ارتفعت بشكل كبير جداً. ولأننا شعوب مستوردة للأفكار بكل تفاصيلها، حاول بعضهم الترويج لفكرة مقاطعة السمك في البحرين على وزن «خلوها تخيس»، وذلك في سبيل الوصول لذات الغاية التي قامت عليها الحملة في دولة الكويت، لكن يبدو أنهم لم ينجحوا تماماً في هذا الأمر، لأن أسعار السمك في البحرين لم تتجاوز الحد المعقول حتى هذه اللحظة. ما نود إيضاحه هنا، هو رفضنا القاطع للنيل من أرزاق الكسبة من المواطنين، وعلى الرغم من تحفظاتنا الكبيرة على الحملة في الكويت، إلا أننا نرفض بشكل قاطع، مقاطعة العاملين في مجال بيع الأسماك أو اللحوم أو غيرها من المواد الأساسية للناس، ناهيك أن هذه الوظائف البسيطة، هي مصدر الرزق الوحيد لمئات الأسر البحرينية. إن المقاطعة لأجل المقاطعة أو التقليد في أسلوب وشكل المقاطعة من دون مراعاة الجوانب الإنسانية في هذا الفعل، لا يمكن أن يكون مقبولاً بأي شكل من الأشكال، فالضغط على الكسبة من المواطنين ليس له من الجوانب الإنسانية ما يرضي الضمير أو الأخلاق والقيم. لا يمكن أن تكون المقاطعة أو حملات «خلوها تخيس» هي الخطوات الابتدائية لرفض كل أشكال الغلاء، فهنالك الكثير من الوسائل والرسائل يمكن للمواطنين أن ينتهجوها قبل أن يتخذوا قرار المقاطعة، حتى لا يتضرر مجموعة كبيرة من الكسبة ومن خلفهم من الأفواه التي تنتظر قوت يومها وتحسين وضعها الحياتي المتواضع، فحملات المقاطعة غير المدروسة وربما غير الإنسانية تكلف التجار الصغار أعباء كبيرة من الالتزامات والأضرار المادية، قد لا نشعر بها كثيراً لأننا لسنا من المتضررين بنتائجها بطريقة مباشرة أو حتى غير مباشرة. إذا كانت هنالك أفكار للمقاطعة من أجل ضبط الأسعار، يجب أن تتوجَّه للتجار الكبار من الجشعين، أو للمؤسسات التجارية التي تستنزف جيوب المواطنين كل يوم، لا أن تقوم حملات المقاطعة الصلبة ضد صغار التجار والكسبة من باب «أبوي ما يقدر إلا على أمي»، لأنهم في واقع الأمر يعيلون مئات الأسر الفقيرة، ومع كل ذلك، يجب أن تظل حملات المقاطعة بكل أنواعها مدروسة بطريقة موضوعية وإنسانية، سواء كانت للتجار الصغار أو حتى الكبار، كما يجب ألا تصنع تلك المقاطعة أي نوع من التشويش على وعي المستهلك عبر حملات غير منصفة في حق من نحتاجهم ويحتاجوننا من أبناء هذا الوطن، كما لا يجب أن تقذف تلكم المقاطعة أي إنسان خارج دائرة الرزق، فالمقاطعة هي «الكي» الذي هو آخر العلاج وليس أوله، فالله الله بالفقراء.