سنبدأ من مقولة الأمير خالد الفيصل الذي اختصر فيها المعادلة التي تؤسس عليها المواطنة ويبنى عليها وطن قوي منيع بقوله «من لا يحترم نظام وطنه، لا يحترم نفسه ولا يستحق الاحترام»، فماذا إذن عمن يعادي وطنه ويسعى للإطاحة بنظامه، ويقوم بأعمال إرهابية لصالح إيران، وكيف بمن قاد مؤامرة انقلابية سقط فيها ضحايا أبرياء من رجال أمن ومواطنين وأجانب، وكل هذه الأعمال الإجرامية قام بها أشخاص يدعون مواطنين لا زالوا يحتفظون بكامل حقوقهم كمواطنين حالهم حال المواطنين المحترمين الذين يحترمون نظام وطنهم، ويحترمون أنفسهم، كما يكن لهؤلاء غير المحترمين لأنفسهم ولا لنظام وطنهم كل الاحترام والتقدير من قبل مؤسسات الدولة، إنهم أولئك الذين يصبحون ويمسون على البلاد كل يوم بتفجيرات واعتداءات إرهابية يسقط منها ضحايا بين شهيد وجريح، يصبحون على البلاد بإشاعة الكذب والدفاع عن قادة المؤامرة الانقلابية وعن الإرهابيين، أولئك غير المحترمين لنظام وطنهم يستفتحون صحفهم بنشر الأخبار السارة عن إيران والتباهي بإنجازاتها وثوراتها وجرائمها الإرهابية في حق الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، والاحتفاء بقادتها ومرجعيتها علناً على صحف محلية رسمية، في الوقت الذي يسيئون لنظام دولتهم ولا يحترمونه أبداً. القضية في البحرين تعدت مرحلة عدم احترام النظام ووصلت إلى الخروج عن طاعة النظام عملياً باستخدام القوة ضد مؤسساته وضد شعبه، حتى انتقل إرهابهم إلى الأحياء السكنية وهو تطور في الخطة الانقلابية، وذلك عندما تم احترام من لا يستحق الاحترام، احترامه واحترام أبنائه حتى أصبح لا ينقصه شيء يحتاج إليه في مواصلة حياة الرفاهية في البحرين، فكل الخدمات تصله، وكل المنافع يحصل عليها بسهوله لا يحتاج فيها إلى إثبات حسن سيرة وسلوك، ولا الاطلاع على سجل أمني، وإن كان هذا السجل في فترة من المبعدين بسبب تورطه في أعمال إرهابية، أو كان محكوماً عليه في قضية أمنية، بل ما يحدث أن منافعه لا تنقطع أبداً مهما بدرت منه من إساءة وجريمة. عدم احترام النظام هو ما يسمى الفساد في الأرض وسفك الدماء والتحريض على الحاكم والنيل من هيبته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله»، وقال كبار العلماء «ومن إهانة السلطان إهانة الجند»، وأي إهانة أعظم من القتل، فلينتظر من سعى وخطط ودبرالهوان في الدنيا وفي الآخرة، كما أخبر الله في كتابه جزاءه مخلداً في النار، عدم احترام النظام هو تهديده بالاستعانة بالخارج والتخابر مع دول أجنبية، وعدم احترام النظام هو نزع سلطته، ووضعها في يد من يزعم أنها تمثل إرادة الشعب، وعدم احترام النظام الامتناع عن طاعة ولي الأمر، ومثال على ذلك مقاطعة الانتخابات بقصد نزع شرعية الدولة، وتلبية دعوة العصيان المدني، والدعوة إلى إحداث بدع في حكم الدولة بما يسمى الديمقراطية وحرية الرأي التي يهدف منها زعزعة الأمن ونشر الفوضى حتى تستبدل الحكومة ثم يستبدل الحاكم، وهذا ما حصل في الكثير من الدول العربية، حين تم التغاضي عن الخارجين عن طاعة ولي الأمر، وسعيهم لاغتصاب السلطة، كل هذه الأمور تحدث عندما تكون بدايته بالتطاول على الدولة ورموزها إعلامياً والتحريض على كراهيتها، والتحشيد عليها شعبياً، ثم تتحول إلى مواجهة مؤسساتها بالسلاح وتنفيذ عمليات إرهابية. بالتأكيد أمر مؤثر أن يقدم الاحترام والاهتمام للذين يعادون الدولة، والمصيبة الأكبر هو أن يرتجى منهم خيراً في أن يكونوا يوماً صالحين، هذا الصلاح لا يمكن أن يكون، فالصلاح يبنى على أساس، ولا صلاح لمن لا أساس له، ولا صلاح لمن كان أساسه خراباً، وكيف إذا كان هذا الخراب مبني على نوايا وعلى عقيدة سياسية ودينية تدعو إلى سفك الدماء للوصول إلى سدة الحكم، عقيدة سياسية قامت بإعداد أجيال متعاقبة رضعت كراهية الحكم في وطنها، وتم تربيتها على أن علمها وتفوقها ومناصبها وتجارتها من أجل الانقلاب على الدولة، وها هي كلمات قادة الانقلاب في حفلات تكريم أتباعهم خير شاهد على هذا الفكر الانقلابي المتأصل القادم بقوة أكبر من هذا الجيل الذي قام بتنفيذ عملية انقلابية لم يوفق فيها، ولكنه عاقد العزم غير فاقد للأمل بأن تكون ناجحة في المحاولة القادمة، وذلك عندما يكون من أسباب هذا الضمان أنه وأبناءه الذي يقوم بإعدادهم لتولي المهمة الانقلابية من بعده يحظون بالاحترام وحقوقهم مصانة، إنها معادلة غير صالحة لهذا الزمن وفي هذا الظرف وفي هذا البلد، وأن ما يصح هو أن من لا يحترم نفسه ولا يحترم نظام وطنه، لا يستحق الاحترام، ولا يستحق العيش في هذا البلد، وذلك كي لا يجر عليها بلاء لا نجاة منه.