كثير ممن ركبوا الموجة في انقلاب الدوار قبل أربعة أعوام، ومنهم من صعد منصة «إسقاط النظام» وهتف وصرخ بهدف تهييج الجموع، أو بسعي لأن يكون له موطئ قدم إن نجح المخطط الدنيء ضد البحرين، كثير من هؤلاء يريدنا اليوم أن ننسى ما فعل، والأدهى يريد أن يلغي ما فعل، وأن ما قاله وقام به لم يكن له وجود!
فقط نحمد الله بأنهم وهم في فورة «نشوة» الظن بنجاحهم في إسقاط النظام، وثقوا كل شيء بوضوح، الصور التي تبين شعارات التسقيط، التي تبين المجسمات الرمزية لقادة البلد، الفيديوهات التي توثق نزعة الكراهية والبغض التي أخفيت داخل الصدور وانفجرت فجأة لتطفو على السطح، الكلمات العنترية، الإساءات والسباب، وكيف أن أقنعة كثيرين ممن تقربوا سقطت واتضح أنهم كانوا يمارسون أشنع أنواع «النفاق» و»التقية» و»الكذب» من «البطانة السيئة»!بعض هؤلاء، يحاول اليوم أن يخفي كل ما فعله، ينادي بعكس ما كان ينادي به في الدوار، يكتب بخلاف ما كان يقوله من على المنصة. يغازل الدولة بكلمات التسامح والتعايش والتلاحم، بينما فيديوهات تلك الفترة تثبت بوضوح كيف كان يتحدث، وماذا كان يقول للشباب والمتجمعين تحت المنصة، وكيف كان رأيه في النظام والحكم وفي جيران البلد من دول شقيقة وصديقه.
من كانوا يرفعون شعارات التسقيط، هم اليوم يحلفون مليون مرة بأنها كانت شعارات «تصليح»، وأن العالم أجمعه أصابته «زغللة» في العين، فقرأ الشعار بالخطأ، من كانوا يزدرون الأجهزة الأمنية ورجالاتها تلك الفترة في خطاباتها وينعتونهم بنعوت، هم اليوم يخطون كلامهم بعناية فائقة ولا نستغرب أن نقرأ لهم توصيفاً مثل «رجال الأمن البواسل» أو «شهداء الواجب» بعد كلمة وزير الداخلية الأخيرة وما تعتزم البحرين القيام به على صعيد إجراءات حفظ الأمن القومي.
باختصار نظام التحول من «ذئاب» إلى «حمائم سلام» مفضوح ومكشوف لدينا منذ إعلان حالة السلامة الوطنية في عام 2011، يوم اختفى «المتحدثون» و»المناضلون» من الدوار وتركوا الناس وحدهم، تركوا «منصة الخطابة الثورية» وهرعوا يختفون في بيوتهم حينما أعلنت الدولة أن الصبر على «الفوضى» قد نفد.هذا الأسلوب لا ينطلي علينا، ربما ينطلي على بعض «طالبي الشهرة» أو «الحظوة» من «عرابي» و»تجار» المصطلحات «المشوهة» التي برزت بعد أن نزفت البحرين، وحاولت هذه الشعارات «مساواة» الضحية بالجلاد، تحت مسميات المصالحة والمصافحة وغيرها من مصطلحات أساسها هدف ورغبة بـ»محو ذاكرة الوطن» وبالأخص ذاكرة المخلصين من «أكبر خيانة» تعرض لها الوطن.
بالتالي ما تقوم به «الوفاق» اليوم من قلب الصورة في بياناتها، وعبر «لسان معوج» كاذب لا يجرؤ على ذكر الحقيقة، من إعادة تقديم عناصر كانت تقف وتناهض الدولة جهاراً عياناً وكأنها عناصر «سلام» و»رموز محبة»، ما هو إلا ضحك على الذقون، ومحاولة للعب في ذاكرة البشر لما حصل خلال السنوات الأربع الماضية. ناهيكم عن محاولات أخرى لتغيير الصورة النمطية لـ»الثوريين» في 2011 وتصويرهم على أنهم «بشر آخرين» في 2015.
والحق يقال هنا، من حقهم فعل كل ذلك، من حقهم العودة لممارسة أشد ما يبرعون فيه من «تلون» و»فبركة» و»تمثيل»، من حقهم محاولة «تزوير التاريخ» والوصول لمرحلة يقول فيها من يحاول اليوم ويستميت لـ «تُمحى فيديوهاته في الدوار» ليقول إنه لم يذهب مطلقاً هناك ولم يتحدث وأن المتحدث في الفيديو شبيه له.
من حقهم «المناورة»، والقيام بكل شيء يظنونه قد يجنبهم تطبيق القانون والمساءلة بشأن شبهات الارتباط بالخارج والتخطيط لضرب البلد، لكن في المقابل ليس من حقهم فرض هذا علينا، ولا مطالبتنا بأسلوب تعاطٍ «على مزاجهم»، فمن خان البحرين يظل في قناعتنا خائناً للوطن، إلى أن يقر بخيانته ويطلب الصفح والاعتذار من البلد وقيادته، لا أن نتعامل معه بأسلوب «حصل خير» و»مش اللعب».
بالتالي «ليس بمزاجكم» تقديم انقلابي أو متآمر ضد البلد على أنه «حمامة سلام» أو «رمز وئام» وتطلبون منا القبول بهذا التوصيف وتناسي ما اقترفوه من إثم ضد الوطن، والله قليل الحصافة هو من يصدق بأن ضبعاً تحول إلى نعامة، فقط لأنه أبدل الفراء بالريش ودفن رأسه بالتراب بعد أن كان لعاب الغدر يسيل من أنيابه!
شقالوا .. حمائم سلام .. قالوا؟!