بما أن اليوم الجمعة يوم إجازة؛ سنخرج عن نمط المقالات المعتاد باستراحة القصص القصيرة التي تحمل شيئاً من الحكم والعبر..
***
قصة مقتبسة من التاريخ للعبرة؛ إسبرطة مدينة يونانية تأسست عام 900 قبل الميلاد، وقد اشتهرت بشعبها العسكري الذي ينشأ فتيانه على القتال، وكان ملكها يفتخر بأنه لا توجد أمة في العالم لها أسوار كتلك التي لإسبرطة، فلما قام بزيارته أحدهم لاحظ أنه لا توجد أسوار، وعندما سأله عن أسوارها التي يعتز بها عندها أشار إلى بعض الجنود قائلاً: «هذه هي أسوارنا.. كل جندي هو أشبه بحجر في الأسوار».
هذه المدينة الأسطورية كان يحكمها ملك مقيد بدستور وبرلمان إرادته فوق إرادة الحاكم، قبيل الحرب كان معظم النواب يفكرون بامتيازاتهم وعروض الغازي الفارسي المغرية لهم، لذلك رفضوا الاستجابة لدعوى ملكهم الشجاع بالخروج ومقاومة الغزو، فيما عدى المجموعة العسكرية التي كانت مع الملك، وكانوا يعتبرون من القوات الخاصة التي تدربت على فنون القتال.
إسبرطه اتجهت نحو النظام العسكري وهي تستقرئ التهديدات الأمنية لها، قبلها اضطرت لخوض حروب طويلة مع جيرانها، وعلى رأسهم أثينا، ورغم أنها خاضت حروباً طاحنة معها استمرت لربع قرن إلا أنهما سرعان ما اتحدتا أمام تقدم «الفرس» باتجاه اليونان، استطاعت أثينا التصدي للمد الفارسي في المواجهة الأولى، غير أن الحملة الفارسية الثانية التي جاءت بهدف تدمير جيش أثينا جعلت جيش إسبرطة ينسحبون لتأمين أقل خسائر للجيش الأثيني، ثم قام 300 من أشجع قادة إسبرطة العسكريين للوقوف بوجه الجيش الفارسي وقادوا معركة سالاميس»، وهي معركة بحرية قاد فيها قائد الإسبرطة اليونانيين واضطر الفرس إلى الانسحاب لشواطئ تركيا حتى وقعت معركتان بحريتان، لينتصر فيها اليونانيون على الفرس ويسود السلام في اليونان طوال 20 سنة لاحقة.
بـ 300 رجل فقط تجمعهم ثقتهم المطلقة بإخلاص وشجاعة ملكهم وإيمانهم العميق بأن ما يقومون به واجب للدفاع عن مملكتهم الديمقراطية استطاعوا صد أكبر جيش عرفه العصر القديم، فملكهم الحر لم يفكر بسلطته ولا عرشه؛ إنما بكرامة مملكته ومصير نسائها وأطفالها المهددين بالعبودية، لذلك عندما سمع سكان المدن الإغريقية الأخرى وعرفوا حقيقة ما يحدث توحدوا تحت قيادته وهزموا الغازي الفارسي، العدو عندما يحاول أن يغزوك فهو يحاول قبلها تغيير مصدر السلطة وتقديم الامتيازات والإغراءات لمن يرى أنهم قابلون لبيع أوطانهم بعد وضعهم في مراكز القرار ثم إضعاف جيشك وهدم أسوار الوطن الأساسيين وهم الجنود وإشغالك بالصراعات والحروب مع الآخرين.
***
رأى أفعى متجمدة فوضعها في جيبه كي تدفأ رأفة بها، فلما دفئت مزقت جيبه وعضته، مثلها كمثل عملاء إيران في دولنا العربية؛ أفاعي ما إن يدفئون بالامتيازات حتى يعضون اليد التي أكرمتهم، لذلك قيل إن أكرمت الكريم ملكته وإن أكرمت اللئيم تمردا.
***
عندما فجرت مساجد في الكويت والسعودية قامت قيامة الاستنكارات والإدانات واستغلال الموقف في المطالبات بتغيير المناهج الدينية، وهرعوا إلى الصلاة الموحدة وإطلاق حملات لا للطائفية وشعارات التعايش المذهبي البراقة، وعندما فجر مسجد طوارئ عسير ووجدوا أن الشهداء يختلفون عنهم في المذهب وجدنا الصمت المطبق وسقطت كل أقنعتهم.
***
قصة صفع البحريني لعامل آسيوي يقوم بغسل سيارته أوجد الكثير من الضجة عند المواطنين الذين استنكروا هذه الوقاحة، كثير ممن يحبون استغلال المواقف وتسييسها لأجندتهم وفتنهم حاولوا دس السم في عسل حمية أهل البحرين الذين رفضوا أن يمثلهم هذا الموقف، نسأل هؤلاء؛ ماذا عن الصفعة الإرهابية التي حصل عليها كل بحريني عام 2011؟ هي أيضاً لا تمثل أفعال أبناء البحرين، إن كنتم مع حقوق الآسيويين فقلة أدب من صفع الآسيوي لا تقل عن قلة أدب من يصفع أهل البحرين يومياً بالإرهاب وحرق الشوارع، الشعب البحريني لايزال مصفوعاً بمشهد قطع لسان المؤذن الآسيوي ودهس رجل الأمن.
***
قبل عدة سنوات وفي إحدى الفعاليات الوطنية حمل طفل يتيم صورة الملك وقال للأيتام الذين معه بكل فخر: «هذا هو أبي!»:ـ هذه هي الوطنية الحقة التي يجب أن تبذر في نفوس الجيل القادم للبحرين»ظ.
***
قد يكون هناك إنسان نائم؛ إن ترك يسبح ويبحر في عالم النوم لا يستطيع أن يستيقظ لوحده بل يحتاج لمنبه يوقظه من سبات أوهامه ويفيق فكره للواقع، قد يحتاج إن كان من النوع الذي «نومه ثقيل» إلى يد تهزه أو تتصرف بتحريكه لإيقاظه، بعض عملاء إيران لدينا هكذا؛ لن يستفيقوا من أوهامهم في ضم البحرين ودول الخليج لإيران إلا بهزهم بأحكام الإعدام وقوانين الإرهاب، وإيقاظهم على واقع يجعلهم يدركون أن ما شاهدوه في نومهم سيبقى وهماً لن يتحقق.
***
خرج لأجل رميهم بمولوتوف عله يصيب أحد رجال الأمن فيتحول عند من غرروا به بطلاً وشجاعاً، لكنه سقط وانجرح وهو يحاول الهروب، فجاءه رجال الأمن لإسعافه، فأخذ رجل أمن منديلاً وماء منحه إياه ريثما ينتظرون سيارة الإسعاف.
هذا المشهد ليس خيالاً؛ إنما مقطع لفيديو موجود على اليوتيوب لرجال أمن البحرين وهم يسعفون إرهابياً، هذه باختصار قصة المشهد الأمني عندنا في البحرين والتي يجب أن تصل للعالم.
***
قصة أخيرة من التراث البحريني؛ «علمت ميه ولحقتها مايجه.. يا ليت ميه ما ولدتها الوالده!».
كانت امرأة لديها بنت من امرأة أخرى لزوجها اسمها «مايجه» وبنت اسمها ميه «مي»، كانت الزوجة تهمل «مايجه» و«تكرفها بالعمل»، بينما تهتم بتدليل «ميه» التي حرصت على إنجابها حتى لا تستأثر «مايجه» بحب والدها لها.
عندما كبرت الفتاتان أخذت المرأة وتحيزاً منها بنصح ابنتها «ميه» بعيداً عن «مايجه» التي كانت «لابده» تسترق السمع لهما، أخذت تعلمها أنها إذا ما كبرت وتزوجت عليها دائماً أن تكون متزينة لزوجها، ملابسها مرتبة، منزلها نظيف ومعطر، وعندما ترى أمها وأباها قادمين لزيارتها ترحب بهما بصوت عال حتى يعرف الجيران أنهما في زيارة لها، فيكرمونهما بالهدايا والعزائم، ويكون لزيارتهما صيت بالمنطقة ويعتز والدها بها كثيراً.
مرت الأيام وتزوجت البنتان ورحلت كل واحدة مع زوجها إلى منطقة أخرى، قرر الأب أن يزورهما، فطلبت الأم منه أن يزورا «ميه» أولاً، فلما وصلا إلى مسكنها وجداه غير مرتب ووجدوا البنت التي اعتادت الدلال «حالتها حالة» وقد أهملت زوجها وبيتها ولم تكرمهما، فشعرا بالملل واتجها لـ «مايجه» التي أول ما استبشرت بقدومهما أخذت تهلل وترحب بهما بصوت عال، وقد وجدا مسكنها مرتباً نظيفاً ووجداها متزينة وقائمة على منزلها بنشاط.
هنا أدركت الأم عبرة ما فعلته لتقول هذا المثل «علمت ميه ولحقتها مايجه.. يا ليت ميه ما ولدتها الوالده».