في لقاء له مع إحدى الصحف العربية، قال وزير خارجية قطر، خالد العطية، إنه «يتعين على دول مجلس التعاون مجتمعة الحوار مع إيران»، داعياً إلى حوار «جاد» يتم خلاله بحث «أمن المنطقة» و«الهواجس» الخليجية، بعدما أطلق الفكرة خلال اجتماع لوزراء الخارجية الخليجيين عقد مؤخراً في الرياض. ما دعا حسين عبداللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني، للإعلان عن أن بلاده ستجري حواراً مع دول الخليج العربية، وأن المفاوضات ستشمل الأوضاع في سوريا واليمن.!!
أستغرب جداً من تلك الحماسة لإجراء الحوار مع إيران، في تجاهل معلن لكل الأزمات التي يخوضها الخليج العربي والمسائل الخلافية الكبرى بين الطرفين، التاريخية منها والحديثة والراهنة، ما يدعو لاستحالة القبول بالركون إلى طاولة حوار تجمع الخليج العربي وإيران في الوقت الراهن. مرجع ذلك السياسة الإيرانية تجاه الخليج العربي، وعلى رأسها مملكة البحرين، والتي يعبر عنها جميع التصريحات الإيرانية بشأن المملكة، بما تحمله من تدخل سافر وتحريض مباشر وغير مباشر من قبل الرئيس والمرشد الأعلى والبرلمان والجيش، فعن أي حوار نتحدث ومع من؟! وعلى أي طاولة حوار سيلتقي الجمعان؟ طالما أن إيران مازالت تدس أنفها في الشؤون الداخلية للدول الخليجية، ومازالت مستمرة في تنفيذ أجندتها إزاء المنطقة دونما ضوابط أو رادع، تعثو في الخليج العربي فساداً وإرهاباً، وتعمل عملاً دؤوباً لزعزعة استقراره وتهديد أمنه.
عن أي حوارٍ نتحدث؟! هناك اعترافات رسمية سجلت للمتورطين في عمليات تخريب ممنهج في البحرين، فضلاً عن المتورطين في خلايا إرهابية عدة، كلها أفادت أن الراعي الرسمي لإرهابهم هو إيران، وكثير منهم أفاد بالحصول على التدريب من قبل الحرس الثوري الإيراني. الإمارات في حالة اختلاف جوهري مع إيران في عدد لا يستهان به من الملفات والقضايا فضلاً عن قضيتها الأم احتلال الجزر الثلاث، السعودية دخلت في صراع معلن مع إيران حول جملة من القضايا تبدأ بالبحرين وتتصاعد في سوريا واليمن، لاسيما اليمن التي تشكل عمقاً استراتيجياً هاماً للسعودية.. الخليج العربي برمته مهدد من قبل إيران -لربما-.
أيضاً.. لا شك أن إيران بحاجة ماسة لهذا الحوار للعمل جاهدة على ترقيع انكشاف مشروعها في البحرين والكويت خصوصاً، ولوضع حد لردود الفعل المحتملة والتي ستسفر على أقل تقدير عن إفشال ذلك المشروع، فضلاً عن خسائر إيران الفادحة في اليمن، ولكن.. ما عساها تكون مبررات الخليج العربي للقبول بتلك المبادرة؟! وكيف يمكن للخليج العربي الوثوق بإيران رغم استمرار تجاوزاتها الفادحة في المنطقة؟!
- اختلاج النبض..
من باب أولى أن تثبت إيران نيتها في التوصل لحلول حقيقية، بأن ترفع يديها الملوثتين ودعمها السياسي والعسكري للحوثيين، والأمر نفسه في سوريا.. إن الحديث، مجرد الحديث حول مبادرة كهذه يستلزم سلفاً تصفية الحسابات، أو تقديم مؤشرات فعلية لتحسين العلاقات وحسن النوايا من قبل الجانب الإيراني يأتي في مقدمها ما يتعلق بقضايا أمن الخليج المباشرة.