الحكمة الإلهية تلعب دوراً كبيراً في تسيير حياة الإنسان على الكوكب الأرضي، فهي التي تختار له الزمان الذي يولد فيه، والمكان الذي من خلاله يصعد الحياة، والوالدين المحددين الذين عن طريقهما يبدأ صرخته الأولى، ليكون جسداً كثيفاً أو طاقة كثيفة، بعد أن كان روحاً أو طاقة أثيرية لا ترى ولا تلمس.
من هنا كثيراً ما أقف أمام هذه الحكمة الإلهية التي تشكل حياة الإنسان، أجمل المخلوقات وأكثرها عظمة وأرقاها عند الخالق، فكل منا لو نظر نظرة سريعة على كثير من الناس الذين يحيطون به، لرأى كيف قامت هذه الحكمة بتحريك الإنسان من مكان ما إلى آخر من أجل أن تقوم بإسعاده أو ترقيته أو الإعلاء من شأنه بين أخوته من البشر.
فليس بعيداً أن ترى أحد الإخوة من الهند، على سبيل المثال، في أحد القرى التي لا يعرفها أحد ولم يسمع عنها حتى الإنسان الهندي نفسه في المناطق الأخرى في القارة الهندية الكبيرة والمتنوعة في اللغات والديانات والمذاهب والملل والنحل، باع حله وحلاله من أجل العمل في الخليج، وبعد فترة من عمله ونشاطه اليومي وكده وتعبه تراه قد ارتقى في مجال عمله وتحول من ذاك الإنسان الجائع الخائف الذي لا حول له ولا قوة إلى إنسان يملك المال ويحركه لصالح من تركهم، ليحقق حلمه وشيئاً من حلمهم.
وقد ترى، أيضاً على سبيل المثال، واحداً من المناطق الجنوبية في المملكة العربية السعودية أو أحداً من أقاليم مصر، يرميه قدره إلى العاصمة، فيبدأ بتحقيق أحلامه، كأنما هو على موعد مع قدره، وقدره لن يكون معه إلا في المنطقة التي حددها له الله.
من هذه الزاوية انطلق إلى الحديث عن الحكمة الإلهية في تحويل إنسان قد يكون مقترباً من الموت إلى واحد من أهم الشخصيات على مستوى عالمي، تقول القصة التي سبق ولقنوات التواصل الاجتماعي أن طرحتها على القراء والمتابعين..
بعد أسابيع طويلة قضاها الجندي الروسي في الجبهة أثناء الحرب العالمية الثانية، حصل على إجازة تسمح له بالعودة إلى لينينجراد (سان بطرسبرج) حالياً، وما إن وصل ذلك الجندي إلى الشارع الذي يقع فيه منزله حتى رأى شاحنة عسكرية محملة بالجثث ومتوقفة إلى جانب الطريق، فقد كانت قوات العدو قصفت المدينة وراح إزاء ذلك عشرات القتلى والجرحى، وجرى تجميع الجثث في الشاحنة، تمهيداً لنقلها إلى مقبرة جماعية.
وقف الجندي أمام الجثث المتكدسة حزيناً ومتأثراً، ولاحظ أن حذاءً في قدم سيدة يشبه حذاء سبق أن اشتراه لزوجته، فتوجه نحو بيته مسرعاً للاطمئنان عليها، غير أنه سرعان ما تراجع عن ذلك وعاد إلى الشاحنة من جديد ليتفحص جثة السيدة.. فإذا بها زوجته!
لم يشأ الزوج الحزين أن تدفن زوجته في مقبرة جماعية، لذلك طلب سحبها من الشاحنة لنقلها إلى منزله تمهيداً لدفنها بشكل لائق، ولكن خلال عملية النقل تبين أن زوجته لم تمت، وأنها لاتزال تتنفس ببطء وصعوبة، فحملها إلى المستشفى حيث أجريت لها الإسعافات اللازمة واستعادت الحياة من جديد!
بعد سنوات على هذا الحادث، حملت الزوجة التي كادت تدفن حية ووضعت صبياً اسمه (فلاديمير بوتين)! الرجل الأكثر نفوذاً في العالم، وأحد أبرز الزعماء المؤثرين في القضايا الدولية، والقيصر الطامح إلى إعادة أمجاد الإمبراطورية السوفياتية.
هل لاحظ عزيزي القارئ كيف هي الخطة الإلهية لإنسان ما؟ وكيف سيّر له ليفتح أمامه أبواباً لا يمكن أن تتوقعها أمه التي كانت محمولة في سيارة الجثث إلى المقبرة الجماعية.
إنها الحكمة الإلهية التي تقود الإنسان لأن يكون ما تريد له أن يكون، لهذا نحن لا نعرف ماذا سيكون عليه الطفل المهمل الذي يمر علينا في الشارع، ربما هو طاقة هائلة يدفعها الإهمال إلى إن تكون ما يشاء الله لها أن تكون.