رغم الفوضى؛ هل تكون المرحلة المقبلة مرحلة تسويات أم مرحلة بها المزيد من الصراعات الإقليمية كما شاهدناها منذ شتاء 2010؟
الرغبة باتت متزايدة بين شعوب وحكومات المنطقة لمعالجة الأزمات العالقة كثيراً شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً من العالم العربي، ولكن المعالجة لا يمكن أن تتم بمجرد رغبات ونوايا.
المصالح دائماً هي التي تحكم في السياسة، ففي الأزمة السورية فجأة ظهرت مبادرتان لمعالجة الحرب الأهلية الدائرة هناك، والتي راح ضحيتها ما يناهز ربع مليون سوري، وأدت إلى تقسيم حقيقي للدولة السورية، وأخضعت ثلثي أراضيها لحكم مجموعة من القوى السياسية بعضها معتدل والآخر راديكالي متطرف.
وفي الأزمة اليمنية مع تقدم قوات التحالف العربي الذي تقوده الرياض، والنجاحات التي حققتها المقاومة اليمنية الداعمة للشرعية، ظهرت أيضاً مبادرات جديدة، وطالب الحوثيون بتسوية والشروع في حوار غير مشروط.
ماذا يحدث إذاً؟
هل أدرك أطراف الصراع في الشرق الأوسط أن المنطقة دخلت منذ سنوات قليلة صراعاً صفرياً ستكون نتيجته خسارة الجميع؟ أم هي مناورة من مناورات الصراع السياسي؟
الإجابات لدى الحكومات ولدى أطراف الصراعات في المنطقة، ولكن المصالح دائماً ما تشكل العلاقات والظروف الإقليمية والدولية. فرغم مصالح دول المنطقة في أن يسود السلام كما كان في حده الأدنى قبل عدة عقود تاريخياً، إلا أن المؤشرات والمعطيات الراهنة لا تشير إلى أن المنطقة ستدخل مرحلة تسويات، وإن كانت هناك نقاشات ومحاولات للتفاهم تجري حالياً.
وحتى إن تمت تسويات، فتداعيات صراعات السنوات الخمس الماضية كثيرة وهائلة، ومن الصعوبة بمكان نسيانها وحسمها في اتفاقات أو حوارات سريعة.
الجهود الجارية الآن لن تقود إلى تسويات دائمة، ولن تقود إلى صراعات دائمة، بل هي جهود ستقود المنطقة إلى شكل من أشكال التسويات المؤقتة التي تتضمن صراعات كامنة لن تتوقف، والمؤشرات الحالية تشير إلى أن التسويات التي يمكن أن تتم إقليمياً ستقود إلى حرب باردة في الشرق الأوسط أبرز ملامحها سباق تسلح من الممكن أن ينقل القوى الإقليمية في المنطقة إلى مستوى القوى الكبرى في النظام الدولي بعد عدة سنوات.
الحرب الصفرية في المنطقة غير واردة تماماً وسط إصرار كافة الأطراف على تحقيق المكاسب وحماية المصالح وزيادة النفوذ، وهذه الاعتبارات الثلاثة ستكون حاضرة في أي صراع وأي تسويات مرتقبة في المنطقة.