لم أشأ أن أعقب على رد الأخوة في وزارة الإعلام حول ما تناولته في عمود يوم الخميس الماضي تحت عنوان «أين نصرف إنذارات الإعلام»، والمتعلق بإنذار وجه إلى صحيفة محلية على خلفية «معلومات خاطئة» كما اسمتها الإعلام في الإنذار.
حتى وإن كان رد الإعلام مقتضباً؛ إلا أن من حق أي جهة أن ترد وأن ينشر ردها في الصحيفة، بل أننا في الصحافة نطالب بأن ترد الجهات الرسمية على ما نطرح من قضايا، فهذا يخدم الرأي العام ويوضح الصورة للناس قبل الكاتب أو الصحيفة.
المفارقة التي وجدتها بين «رد الإعلام» وبين «إجراء الإعلام أيضاً ضد الصحيفة» في ذات يوم نشر العمود مساء حين أُعلن عن حجب الصحيفة حتى إشعار آخر، فالإعلام (في ردها) تبرر إجراءاتها القانونية ضد الصحيفة، وأنها تتبع القانون في ذلك.
بينما في ذات اليوم ارتكبت الصحيفة مخالفة من ذات نوع ما طرح في عمودنا، وهذا تطلب إجراء حازماً تمثل في حجب صدور الصحيفة، ويبدو أن المخالفة مست جهات كبيرة بالخارج.
أيضاً ورد في رد الإعلام أنهم يحتفظون بحقهم في اتخاذ إجراء قانوني ضد (العبدلله كاتب السطور) على خلفية ما ورد في عمودي من عبارات وجدتها الإعلام مسيئة لهم، الإجراء القانوني حق لكل فرد ومؤسسة وجهة، لا أحد يصادر حق اللجوء للجهات القانوني ة، ونحن نخضع للقانون كما غيرنا، فلا نخشى ولا نخاف.
من الواضح أن الصحيفة التي قامت بكل المخالفات التي تستوجب الإنذارات لم تكن تكترث بإنذارات الإعلام، والدليل أنها ارتكبت مخالفة في ذات الفترة التي وجه فيها إنذار، وهذا يظهر أن ما تناولناه في عمودنا يوم الخميس الماضي، والذي استعرض جزءاً من تلك المخالفات ومر بعضها دون محاسبة قانونية، يظهر أن النهج هو ذاته والسياسات ذاتها، لم يتغير شيء، بل أن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، وقال إن تلك الصحيفة ستبقى كما هي حتى وإن (استقامت) شهراً أو أكثر.
قد يستغرب البعض مما سأقوله، فلست مع إغلاق الصحيفة المذكورة، ولكني مع تصحيح النهج والسياسات، فالصحيفة التي تتحين الفرص لضرب وطنها في كل خبر من دكاكين المنظمات وتضعه مانشيتاً عريضاً وكأن بالبحرين مجازر نظام الأسد، مع كل احترامي، هي ليست صحيفة تنتمي لهذا الوطن.
الصحيفة التي تشن حملات منظمة ممنهجة كل عام بتوقيت محدد ضد وزارات ومؤسسات الدولة، كما حدث ويحدث مع وزارة التربية على خلفية موضوع البعثات، وتسخر غالبية (إن لم يكن كل) كتابها ضد الوزارة من أجل الضغط عليها للحصول على بعثات نوعية أكثر لأناس بعينهم، ولمدة تقارب الشهر، هي ليست صحيفة وطنية، وإنما صحيفة جماعة أو فئة واحدة، وليست صحيفة شعب وانتماء وطني.
في ذات اليوم الذي ورد لي أن الإعلام سترد على عمود «أين نصرف إنذارات الإعلام»، وفي ذات الليلة تم حجب الصحيفة لمخالفة أخرى تضاف إلى المخالفات التي وردت في عمودنا، غير أني أجد مخالفة تحريف التاريخ لأبعاد طائفية وإسقاطات إرهابية، مثلما كتب أحد كتابها، كان يستوجب الحجب أكثر من المخالفة الأخيرة.
كما أن الإساءة إلى مكونات هذا الشعب وعوائل بحرينية محترمة في موضوع الدعارة، كان يستوجب الحجب.
هناك من يريد حرية الرأي على مزاجه الفئوي وحسب أهواء نفسه وليس حسب القانون، فإن كتبت تنتقدهم أو تنتقد أحداً من تيارهم تقوم قائمتهم، ويسخرون أتباعهم للشتيمة في وسائل التواصل الاجتماعي، ويقولون أقبح الأوصاف وأقذر الكلمات، فيعتبرون النقد وحرية الرأي هنا تعدياً عليهم ومساساً بمحرماتهم.
لكنهم حين يضربون الوطن ويتآمرون عليه مع دول إقليمية أو دكاكين الغرب، فإن ذلك حرية تعبير ورأي، وحين يحرفون التاريخ لصالح هواء وأمراض في أنفسهم فإن هذا يعتبر حرية رأي، مالكم كيف تحكمون..!
حين يصفون السواد الأعظم من أهل البحرين بأوصاف يقصد منها الإهانة، فذلك حرية رأي، لكن حين ينتقد كبراؤهم ومريدوهم إذا ما زجوا بأنفسهم في السياسة يقال لك هذا يتعدى على الطائفة..!
من يتدخل في الشأن السياسي يتحمل ما يأتيه، ليس لنا علاقة بالمعتقدات الدينية، هذا ليس شأننا، لكن من يزج أنفه في السياسة سيتحمل ما يأتيه.
هكذا هم وسيبقون، الحرية ضد غيرهم جميلة ورائعة وتكرس مبدأ الحريات، وعند بابهم تكون ممقوتة مذمومة، حريتهم لضرب الوطن والنيل من أهله، هذا هو معنى الحرية الجديد الذي على مقاس أصحاب العقول الفئوية الصغيرة.
الإعلام ردت علينا على خلفية عمود «أين نصرف إنذارات الإعلام» ننتقد فيه إجراءاتها ضد كل المخالفات السابقة للصحيفة المذكورة، لكن سبحان الله، جاء الرد على الإعلام من تلك الصحيفة نفسها وفي ذات الليلة وبمخالفة مست قوات التحالف وفيها نفس طائفي أيضاً، مما جعل تلك المخالفة تشبه القشة التي قصمت ظهر البعير..!
فمن الذي على حق يا وزارة الإعلام، نحن في مقالنا أم أنتم في ردكم؟!