إبان انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن، بالتعاون والتآمر مع علي عبد الله صالح (كون الجيش اليمني تحت إمرة صالح وابنه)، وحين وصل الحوثيون إلى مشارف عدن، ولم يتبق على احتلال كامل اليمن سوى فرض الهيمنة على عدن. إبان ذلك، قام البعض في وزارات ومؤسسات رسمية هنا بتوزيع الحلوى احتفالاً بانتصارات الحوثيين، وكانت لتلك الانتصارات تأويلات وأحلام كثيرة بعضها مضحك، لكن لا أعرف لماذا لم يأتِ إلي أحد بالحلوى، رغم أني أتبع نظاماً للحمية إلا أن الإنسان يحب الحلوى النظيفة..!
كانوا يقولون لم يتبق على (مكة والمدينة) إلا مسافات قليلة، وإن الهدف الأكبر هو الوصول إلى مكة وتحريرها من المسلمين الموحدين، ثم خرج أحد المحللين الاستراتيجيين الإيرانيين وقال متبجحاً وضاحكاً ومستهزئاً: «لقد هيمنا على مضيق هرمز، والآن هيمنا على مضيق باب المندب، وبحر العرب، والبحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط (ويقصد لبنان وسوريا) وإن القادم أكبر من ذلك، إيران أصبحت قوة عظمى بالمنطقة».
اليوم، أريد أن أطل في وجه ذلك المحلل الاستراتيجي المتبجح، وأريد أن يصف لي شعوره مع تحرير مدن اليمن، وأريد أن أعرف شعوره أيضاً مع نهاية العام 2015..!!
انتصارات اليمن ألقت بظلالها على أمور كثيرة بالمنطقة، أولها على الدولة الصفوية الطائفية، وألقت بظلالها على الخليج والبحرين، وحين تحرر اليمن واندحر الحوثيون وخونة صالح بإذن الله، ستشرق أرض اليمن من جديد، وسيعمر اليمن، وسيصبح مسانداً قوياً للخليج والتحالف الإسلامي.
حين زرت اليمن إبان العام 2008 وجدت أن أغلب الفواكه يمكن زراعتها باليمن، بإمكان اليمن أن يصبح سلة الخليج الغذائية، لكن شح المياه والاتجاه لزراعة القات، دمر مزارع اليمن، بالإضافة إلى وجود ثروة حيوانية جيدة يمكن الاعتماد عليها.
نشرت تقارير مؤخراً عن التقارب الروسي السعودي، وكيف سيؤثر هذا التقارب على ملفات مثل التمدد الإيراني بالمنطقة، والوضع في سوريا، كما أن خطوة المملكة العربية السعودية في بناء جسور التواصل و(المصالح) مع الروس تعتبر تطوراً إيجابياً كبيراً للسياسة السعودية الخارجية، ويصب في صالح معالجة ملفات كثيرة يمكن من خلالها أن تحدث تفاهمات وتسويات ربما ضد دولة إقليمية بالمنطقة.
ما تم التوقيع عليه مع الروس من اتفاقيات بناء مفاعلات نووية (سلمية) بالسعودية أيضاً يصب في اتجاه إعادة توازن الرعب بالمنطقة إلى وضعه الطبيعي، ناهيك عما تمتلكه السعودية اليوم من رؤوس وأسلحة وصواريخ حاملة للرؤوس جراء تحالفات باكستانية، وصواريخ صينية.
لروسيا أيضاً دور في اليمن، فحين امتنعت عن التصويت أو الاعتراض في مجلس الأمن على مشروع القرار الأممي حول اليمن (2216) فسر ذلك الامتناع على أن هناك تفاهمات سعودية روسية أدت إلى امتناع روسيا عن التصويت ضد القرار، ولا يمكن إغفال أن الروس مازالوا يحلمون بعودة أقدامهم جنوب اليمن كما كانوا أيام الانفصال.
من هنا، فإن مجريات الأحداث في اليمن وتحولاتها السريعة باتجاه تحريرها من الحوثيين حتى يعود اليمن عربياً (وهو أصل العرب) كما كان وسيبقى، ستفرز معطيات جديدة على الساحة العربية وتحديداً على الملف السوري.
ناهيك عن تقليم أذرع إيران في المنطقة، واندحار المشروع الصفوي الإيراني الاستحواذي وانكماشه وعودته للتقوقع، فقد فشل المشروع بالبحرين في 2011، وبإذن الله سيفشل باليمن في 2015، ومن يدري فقد يكون هذا العام أيضاً عام انتصارات في سوريا، وقد تأتي الانتصارات قبل أن يتحقق مشروع إيران لإنقاذ الجزار الأسد، ومشروعها من خلال تسوية وتنازلات وتضحيات، قد تطال رأس الأسد نفسه.
في البحرين وفي عام الانقلاب وصلنا إلى قمة التبجح، وقمة الاستكبار حين ظن البعض أن الأمور آلت إليهم، وأنهم سينتصرون لا محالة وأن الأمريكان والأروبيين معهم، وأن هذا الزمان أصبح زمانهم. 
حتى الأخلاق في الشوارع تغيرت، وصار البعض (ينفش ريشه) يريد اختلاق سبب للشجار مع أهل البحرين، لكن المشروع اندحر بقوة الله وبنصر من عنده سبحانه، هو الناصر وهو الموفق، وهو الحامي، وهو الملاذ، وهو الرجاء، سبحانه لا إله غيره. 
الواحد الأحد هو من نصرنا على المشروع الصفوي الإيراني الانقلابي، وعلى أذرع إيران في المنطقة، لكننا اليوم أمام مشهد آخر جديد، وهو تقطيع أذرع إيران في المنطقة، خاصة بعد ما تم تكبيلها بالاتفاق النووي، فهي لا تستطيع المغامرة خارج حدودها، كما أن اليمن سيخرج عن السيطرة والاستحواذ كما خرجت البحرين من محاولة الانقلاب.
التحولات السريعة باليمن تبشر بالخير، استسلام الحوثيين وهروبهم يظهر حالة الفشل والخوف، واليقين أنهم خاسرون أمام المقاومة والجيش اليمني والتحالف. فمن يملك الجو يملك المعركة، وبالإضافة للجو فإن الجيش اليمني والمقاومة والتحالف قلبوا الطاولة على الحوثيين على الأرض، بالتسليح وبهزيمتهم في عدن وإبين والضالع وتعز، وكلما تحررت محافظات ومدن اليمن، أدرك الحوثيون أن كرة الثلج تتدحرج وتكبر باتجاه صعدة.
من وزع الحلوى في البحرين احتفالاً بانتصارات الحوثيين ماذا عساه يوزع اليوم مع كل هذه الهزائم النكراء وكل هذه الخسائر الموجعة؟
أحسبهم لا يملكون غير الوهم يبيعونه للبسطاء، من أن الانتصارات قادمة، والواقع والمعطيات على الأرض تقول غير ذلك تماماً، وبإذن الله فإن الانتصارات (اليوم أو غداً) ستكون للموحدين الذين لا يشركون بربهم أحداً، ولا يتوسلون ولا يدعون غير رب العباد، هو الناصر وهو الحافظ، وهو من بيده مفاتيح الأمور.