إن الغزو الذي عاشه أبناء الكويت في 2 أغسطس 1990 علمهم أن الوطنية سيدة الموقف، وأنها فوق كل الاعتبارات.
مرت الكويت بموجة إرهاب وحشية قبل بضعة أشهر، فإذا بها تحقق نجاحاً أجبر الخصوم قبل الأصدقاء على احترامها. فقد انتزعت تحية نصر الله قسراً، وهو ما لم تحققه دول ذات باع وخبرة في التعامل مع الإرهاب، وتبقى الكويت تعلن انتصاراتها على نفسها قبل ما يهددها من مخاطر. بلد أنموذج كالكويت، جدير بأن يفخر به الخليج العربي، ويتابع بعين الدهشة والتقصي، للاستفادة من تجاربه.
نبحث في مقومات تكرار التجربة في دول الخليج الأخرى عند تعرضها لأخطار مباشرة، كالتي وقعت فيها السعودية والبحرين وتمت مواجهتها أمنياً، لاسيما أنهما تعانيان من استفحال خطر انتشار الذئاب المنفردة للميليشيات الإرهابية فيهما، ونتطلع لمخارج متزنة وألطف من فرض استتباب الأمن.
نقرأ واقع البحرين؛ ورغم الجهود الأمنية الضخمة، فإنها في وضع حرج جداً يؤجج الطائفية ويصعدها باستمرار، ويجعل المملكة تسبح في بحر مسجور، أشعلته المهددات الخارجية. ولا شك في منعة مدرسة نايف وقوة جهازها الأمني، ما حقق أمن السعودية رغم أنف كل المهددات، إلا أن خلايا نائمة مدسوسة تجعل المنطقة مهددة بالجمر من تحت الرماد، حتى يلقى القبض عليها.
يحدو ما سبق، لضرورة الوقوف على عوامل نجاح الكويت في احتواء أزمتها، والاستفادة منها فكراً وأسلوباً، بطريقة لا يشوهها النسخ أو الاستنساخ، تقديراً لخصوصية الظروف لكل بلد على حدة.
«هذولا عيالي».. كانت بمثابة كلمة السر، أو شفرة الاتحاد الوطني في الكويت، الحكمة التي أدركها الأمير مبكراً، وأظهرت الوحدة الوطنية في أقوى صورها، حتى أخزت شيطان الإرهاب. لقد تحول المشهد وكأن الإرهابي في الكويت قدّم خدمة للوطن بدعم تكاتفه من جديد، فانهالت مظاهر التلاحم؛ التبرع بالدم، الصلاة في مسجد الشيعة، العزاء في مسجد السنة، ثم صلاة الجمعة جماعياً. بهذا فقط يمكن القول إن الكويت أدارت أزمتها بنفسها ومنعت التدخل الخارجي أو التمرد الداخلي. كان الأمن سريعاً وفعالاً مستفيداً من خبراته السابقة، والتعاون والتواصل الخليجي.
فلنقرأ الكويت جيداً..