انفردت الحكومة بلعب الدور شبه الوحيد في كافة التطورات الاقتصادية التي شهدتها البحرين منذ عام 2008 وهو العام الذي دشن فيه مجلس التنمية الاقتصادية رؤية البحرين 2030 والاستراتيجية الاقتصادية الوطنية 2009-2014 وأراد من ورائهما أن تكون الأولى، الفنار الذي يوجه له تطلعات البحرينيين وأهدافهم التنموية التقدمية حتى عام 2030 أي على مدى 21 عاماً يعرفون به بوضوح وشفافية أين يقفون اليوم وأين سيصلون غداً وكيف يقيمون الغد قبل أن ينتقلوا إلى ما بعد غد.
ولأن 21 عاماً فترة طويلة أتى مجلس التنمية بالاستراتيجية الاقتصادية الوطنية لتقسم الرؤية إلى مراحل تتناول كل مرحلة (بعمر 6 سنوات) مجموعة من الأهداف والمبادرات التفصيلية التي أسند إلى الحكومة مسؤولية تحقيقها في المجالات الحكومية، الاقتصادية والاجتماعية، وفي كل مجال وكل مبادرة تكررت عبارة «وستعمل الحكومة على تحقيق..»، وأضاف على ذلك بأن طلب مراجعة أداء الحكومة بالنسبة للاستراتيجية الاقتصادية كل عامين، أي مع دورة كل ميزانية عامة من ميزانيات الدولة.
لكن ما حدث بعد ذلك هو انزواء مجلس التنمية الاقتصادية وانفراد الحكومة بلعب كل الأدوار في الشأن الاقتصادي، وأنها -أي الحكومة- بدلاً من أن تأخذ بالرؤية وتطبق الاستراتيجية الاقتصادية التي تنص مثلاً على إصدار ميزانية أداء وبرامج وليس ميزانية إيرادات ومصروفات، استمرت في سياسة الاعتماد على النفط كمورد أساسي للإيرادات، وزيادة الاقتراض وتضخيم الدين العام وكذلك عجز الميزانية، وتهميش القطاع الخاص وعدم الاكتراث بتنويع وزيادة مصادر الدخل، وتجاهل الكثير من السياسات والمبادرات التي اشتملت عليها الرؤية والاستراتيجية، كما تجاهلت عملية تقييم الاستراتيجية كل عامين وبعد 6 سنوات.
فهل من الصحيح والمنطقي أن يترك مجلس التنمية الاقتصادية وهو العقل والذراع الاقتصادي للدولة، أن يترك الحبل على الغارب بدون تدخل لإعادة الأمور لنصابها، فالحكومة تتصرف في موارد واقتصاد الدولة وفق رؤيتها وتوجهاتها، وهي تفعل ذلك بوحدانية في ظل ضعف مجلس النواب وتهميش مجلس الشورى، وإبعاد متعمد للقطاع الخاص، وتجاهل مقصود لأصحاب الاختصاص والخبرة من الاقتصاديين وأساتذة الجامعات والكفاءات التي تزخر بها البحرين في جميع المجالات.
مجلس التنمية الاقتصادية بحاجة للقيام بدور إيجابي وباشراك جميع هؤلاء معه في وضع وتفعيل استراتيجية تنمية للبحرين تصحح مسار الحكومة وتنقذ البلاد من أزمتها.