عندما راودت «نصر المذكور»، عامل شاه إيران على البحرين في العهد الصفوي البائد قبل ما يزيد على ثلاثمائة عام، الأماني الباطلة في خروجه هو وجيشه متجهاً نحو الزبارة لملاقاة المجاهد المظفر الشيخ أحمد الفاتح، كان الفاتح والقلة ممن معه يستعدون للمعركة متدرعين بالأكفان -بأمر من الفاتح- موصين من بقي بقتل النساء في حال الهزيمة لئلا يقعن سبايا في يد العدو الغاشم، ولسان الحال قائل:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
وخرج الفاتح وجماعته لأرض المعركة متدرعين بأكفانهم ودأبهم إحدى الحسنيين، إما النصر أو الشهادة، والتحم الجمعان فكان النصر المؤزر من نصيب الفاتح وجماعته، مصداقاً لقول الله عز وجل (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)، ويقال بأنه حتى فترة قريبة كانت بقايا سفن نصر المذكور التي شاركت في معركة الزبارة تقبع أسفل قاع البحر المحيط بالزبارة كأطلال شاهدة على مصير المعتدي، وعندما ظفر الفاتح بنصر المذكور قابل الإساءة بالإحسان، فأعطى الفسحة للمذكور بحمل أمواله وأهله معززين مكرمين على سفينة أوصلتهم إلى بر فارس، وهي نفسها الأخلاق العربية الأصيلة التي استفتح بها الشيخ أحمد حكمه على البحرين:
فتحٌ بالخلق لا فتحٌ بالعضب
سجل التاريخ للفاتح العربي
فلم يعتد على الآمن أو يقتل أو يصلب المخالف، والشاهد في تأمل حجم الإعدامات في هذه الجزيرة الصغيرة منذ عهد الفاتح حتى يومنا هذا -التي لا تكاد تأتي بحجم أصابع اليد- مقارنة بالآلاف ممن قتلوا وصلبوا، ومازالت الانتهاكات الإنسانية في إيران خامنئي الذي فاق «كسرى» تجبراً ودكتاتورية، ففي حين كان كسرى يمتلك زمام الحكم السياسي فقط نجد أن خامنئي يمتلك وحده جميع السلطات السياسية والدينية! وما رئيس الجمهورية فيها سوى تابع مطيع لأمر المرشد، وهو أساساً من يقوم بمباركة مرشحي الرئاسة والذين في المجمل يكونون من جملة «موبذاناته»! بما يعني أن إيران ذات طابع حكم «ديموخامنئي» شمولي!
أردت من الإلماع إلى قصة الفاتح -التي للأسف تعد وسيرته مغيبة عن الكثير من مواطني مملكة البحرين وخاصة عن طلبة المدارس- أن أقول باختصار نعم سنعيد التاريخ إن اقتضى الأمر وسنرتدي الأكفان ضد أعداء الوطن في الداخل والخارج الذين لا يريدون به خيراً، وخاصة ذوي أضغاث الأحلام الفارسية والخلايا البكتيرية، التي تأتي بحجم وشكل البشر ممن أرادوا ويريدون المساس بالوحدة الوطنية والنخر في أرضية البحرين الصلبة.
ألم تع الدرس باكراً يا إيران عندما أعلنها الشعب البحريني المسلم العربي، سنته وشيعته وبكامل أطيافه، إبان الاستقلال من المستعمر، بأن البحرين عربية خليفية، فلماذا هذا العناد وناركم تلك غدت رماداً؟! لك يا إيران أن تكفري بهذا، ولكن فليبقى فيك من صفة (الإسلامية) ما يصدق ويؤمن بقول من لا ينطق عن الهوى، محمد عليه الصلاة والسلام: «لا كسرى بعد كسرى»، وفي هذا الحديث الشريف أيضاً رد على ما تردد مؤخراً من نصب إيران تمثالاً لكسرى على ضفاف الخليج العربي!.. أكرر.. الخليج العربي!
هذا كلام العبد الفقير لله المحب لوطنه الذي لا يريد عليه جزاءً ولا شكوراً، وتحية واجبة ورفعة عقال هنا لوزير الداخلية ومنسوبي كافة الأجهزة الأمنية.. العيون الساهرة لكي ننام ونصحوا على وطن أبي شجاع. وأقول لمعالي الوزير ثق تماماً بأن دعوتك الأخيرة للاصطفاف الوطني إزاء التدخلات الإيرانية الفجة، تلقفها أبناء هذا الوطن العزيز الشرفاء بكل الحب والسمع والطاعة أولاً وأخيراً لله وثم لولي الأمر وللوطن.
أختم بهذين البيتين اللذين نظمتهما رداً على تخرصات «سامري إيران» خامنئي الأخيرة حول البحرين، والقلب -كحال قلوب أبناء وطني الشرفاء- يغلي قبل القلم:
قل للفرس أحفاد كسرى
قد دك إيوانكم البائد
فإن عدتم لها عدنا
إن مضى خالدٌ منا خالد