عصر يوم الجمعة الماضي كنت أسير على الشارع العام المؤدي الى قرية الزلاق، وعند الإشارة الضوئية استوقفني شباب من المملكة العربية السعودية، فقالوا لي: «كيف نذهب إلى جزر أمواج اللي فيها مقاهي ومطاعم»؟
قلت لهم جزر أمواج في آخر الدنيا، اسلكوا هذا الطريق، حتى تظهر لكم لافتات المحرق ومن ثم جزر أمواج. ويبدو أن الشباب للتو قد خرجوا من (جنة دلمون) والبحرين بها أماكن جيدة لقضاء أوقات جميلة، لكن لا يتوفر لها ترويج خارجي جيد، وبالتالي لا يضع المسافر الخليجي البحرين ضمن خياراته لأنه لا يملك المعلومة، ولا تصل إليه أخبار الأماكن الجميلة بالبحرين، فكيف يزورها وهو لا يعلم عنها؟
موضوع الاقتصاد والسياحة والتنمية كله مرتبط بالأمن، فإن كانت الفوضى مستمرة والإرهاب يقتل ويضرب، فإن السائح سيبحث عن بديل، كما هو الوضع في تونس التي يضربها الإرهاب، ومصر.
صحيفة الرياض السعودية نشرت تقريراً قالت فيه: «إن مجموع العابرين لمنفذ جسر الملك فهد في إجازة عيد الفطر المبارك في الفترة من (10 يوليو وحتى 22 يوليو) بلغ أكثر من 1.6 مليون مسافر».
الرقم كبير ويبشر بالخير، رغم حالة الزحام المزمنة على جسر الملك فهد، وحالة انقطاع الكهرباء التي حدثت مرتين خلال 10 أيام، إلا أن هذا الرقم ينعش الاقتصاد، ويجعل حركة الأسواق في تصاعد، وينتعش كل شيء، من صاحب التاكسي، إلى شركات الاتصالات التي تستفيد من التجوال الدولي للمسافرين.
1.6 مليون زار البحرين في عز الصيف وفي فترة قصيرة جداً، بينما بالمقابل نحن كدولة لا نملك برامج وفعاليات حقيقية للسياح (هذا هو الواقع، وهذه هي الحقيقة) لا توجد مدن ألعاب عالمية حتى يجبر الطفل والده على زيارة البحرين.
السواحل من غير أنشطة ولا فعاليات، إلا بعض السواحل التي تتبع الفنادق، فكيف نكون جزيرة وليس لدينا فعاليات بحرية على (المتبقى من السواحل المغلقة)..!
لو كانت لدينا فعاليات كبيرة لإجازة العيد مثلاً، تحاكي رغبات السائح الخليجي وأسرته وتم الترويج لها في دول الخليج، فكم تتوقعون أن يزور البحرين؟
على حكومة البحرين أن تدرك أن مردود السياحة أكبر من النفط، شرط توفير الأمن أولاً وقبل أي شيء آخر، وتوفير الخدمات وتسهيل حركة المرور، وتوفير كل ما يحتاجه السائح من خدمات وفعاليات وترفيه.
بعض المسؤولين يقول: «من قال لكم لا توجد فعاليات، هناك فعالية حفلة الموسيقى الأندلسية»..!
صحيح الموسيقى الأندلسية جميلة وقد تكون خياراً جيداً للمقيم، لكنها لن تجعل سائحاً كويتياً أو سعوديأً أو قطرياً او إماراتياً يخرج من بيته ليزور البحرين، من يشتاق للموسيقى الأندلسية سيدخل على موقع اليوتيوب وسيستمع إليها وهو في بيته..!
يجب تحديد هدف الحفلات وهو استهداف الجمهور المحلي والسعودي، لكن هذا لا يحدث.
بعد تداخل الاختصاصات بين هيئتين واحدة للثقافة وواحدة للسياحة، فإن على الحكومة الموقرة أن تحدد اختصاصات كل هيئة، فلم نعد نعرف من المسؤول عن السياحة، هناك من يريد أخذ أدوار هيئة أخرى، وأصبحت الأمور متداخلة ومتشابكة، وغير معروفة للمسؤولين أنفسهم.
مسؤول كبير في هيئة الثقافة قال: «إن مشروع طريق اللؤلؤ يدر مدخولاً يقدر بـ 6 ملايين دينار»..!، لكن السؤال (إن صح الرقم وأحسب أن فيه مبالغة) هل هذه الملايين تذهب إلى خزينة الدولة، أم إلى الهيئة نفسها؟
اليوم نقول لمن يشتكي من انخفاض أسعار النفط، لدينا ما هو أكبر وأهم من النفط كمدخول لكننا لا نستغله، ولا نعمل على تطويره، ولا نخصص له الميزانيات حتى يعطينا بالمقابل مردوداً أكبر، إذا أردنا مردوداً عالياً للسياحة فلن يأتي من دون أن ننفق نحن أولاً على المشاريع، في التجارة يقال: (إذا لم تعطِ المشروع فلن يعطيك هو)..!
السياحة بالنسبة إلى (فرنسا ولندن وإسبانيا وتايلند وتركيا مثلاً) تدر عليهم أكثر مما يدر النفط، فمعدلات إنفاق السائح تجعل كل الاقتصاد يتحرك، ونحن مازلنا في البحرين من غير مشاريع سياحية عملاقة ونوعية وتحاكي رغبات السائح الخليجي، والذي يعتبر أكثر السواح حول العالم إنفاقاً، كل ذلك لا نستغله، ونتباكى على براميل النفط.
أجهزة الدولة المناط بها محاربة الإرهاب والوصول للخلايا النائمة عليها أن تعمل صبح مساء، وتستمر وتواصل العمل المضني، وأجهزة الدولة المعنية بالاستثمار، والسياحة، والترويج للبحرين (على الأقل في دول الخليج) يجب عليها هي الأخرى أن تعمل، حتى لا يشغلنا هذا عن هذا.
فقد كان أحد أهداف الانقلابيين والإرهابيين في القرى ومن يشرعن لهم من فوق المنابر، وأحد أهداف الجمعية الانقلابية، هو أن نصل الدولة الفاشلة اقتصادياً، فتنهار الدولة من الداخل، والحمد لله هذا لم يحدث، وبقوة الله والتوكل عليه، ومن ثم قوة إصرارنا وتلاحمنا وعزم حكومتنا الموقرة فلن نصل إلى هذه المرحلة.
لكن علينا أن ننفق على المشاريع السياحية حتى تصبح البحرين خياراً مفضلاً للأسرة وللأبناء ونقدم لهم ما يريدونه ويحتاجونه، وما يغنيهم عن الذهاب إلى أماكن بعيدة، فليس كل الناس تملك السفر إلى أوروبا، لنستهدف هذه الشريحة ونجعل وجهة البحرين إحدى أفضل خياراتهم.
فهل نسمع في القادم من الأيام عن مشاريع عملاقة ونوعية للسياحة من جانب الحكومة، والقطاع الخاص، أو الاثنين معاً؟
** الهامور بـ 8 والجنعد بـ 6
بحسب بعض العاملين في صيد الأسماك، فإنهم يقولون لا تستبعد أن يصل كيلو الهامور إلى 10 دنانير، والجنعد إلى 8 للكيلو الواحد.
اليوم كيلو الهامور وصل إلى 8 دنانير، كنت أظن أن أسعار الهامور والأسماك ستهبط قليلاً مع بعض مشاريع الاستزراع السمكي التي بدأت تعمل، إلا أنها ارتفعت وأصبحت خيالية جداً.
حدث مشهد أمامي عند بائع السمك، يدخل المواطنون ويسألون عن أسعار الهامور والجنعد، فتنقلب وجوههم، ثم يسألون عن الصافي، والفسكر والشعري، ثم يستديرون ويخرجون من السوق..!
فصاحب الأسرة كم كيلواً سيحتاج لأن يشتري الهامور أو الجنعد، وكم سيدفع؟
كيف تصبح هذه هي أسعار السمك ونحن جزيرة، وهناك من يدمر البحر، والبحر أيضاً يدفن، ولا تقوم الجهات المختصة بإيجاد حلول علمية من أجل دعم المخزون السمكي الرئيس للبحرين، كما تفعل الدول المتقدمة في إقامة شعب مرجانية اصطناعية.
سترتفع أسعار اللحوم كما يعرف الجميع، وهذه هي أسعار الأسماك أمامكم، بعدين الشعب (بكاكي من أكل الدياي)..!