رغم كل أحداث الفتنة التي أراد لنا البعض في الداخل ودول في الخارج أن نقع فيها، حين ظنوا أن هذا البلد الصغير أسهل بلد يمكن أن تحل فيه الفوضى تمهيداً للدخول إلى الشقيقة الكبرى السعودية، خاصة أن أيادي الغدر والخيانة تتحين الفرص لذلك.
رغم كل ذلك؛ إلا أن هذا المشروع فشل، وبإذن الله سيفشل، هذا البلد الصغير دون اسمه بحروف من نور في التاريخ الحديث، حين أفشل المؤامرات والتف حول قيادته، رغم أن هناك من كان يحاول إيغال الصدور واستغلال صبر الدولة (على العاصفة حتى تغادر محيطنا) من أجل أن يوجد فتنة بين أهل البحرين وقيادتهم، إلا أن ذلك فشل اليوم، وفشل عبر التاريخ القديم والحديث، والحمد لله فإن الإيادي مجتمعة والقلوب أيضاً، حتى وإن امتعضنا من تعطيل القوانين أو تأخر تنفيذ الإعدام، إلا أن أيادينا كشعب بكل مكوناته تتشابك بقوة مع أيادي الحكم ومع شرعية الحكم ومع الأسرة المالكة.
مشروع الفتنة اندحر، كما أن هذه التفجيرات وهذا الإرهاب، وقتل رجال الأمن من قبل الأيادي الخائنة العميلة لإيران، كان من بين أهداف الإرهاب أن تحدث فتنة بين أهل البحرين وقيادتها بسبب ازدياد التفجيرات والقتل، وتأخر تنفيذ الإعدام، وتأخر صدور الأحكام ومراوحتها في المحاكم لخمس سنوات.
لن نجد مثل هذا الشعب في وعيه وفي حبه لوطنه وقيادته، نعم حتى ونحن نمتعض من عدم فرض الأمن بقوة وهيبة الدولة وبسلطة القانون، إلا أن هذا لن يجعل للفتنة طريقاً إلينا، بل على العكس الإرهاب وحدنا، وجعل المترددين والذين ربما لديهم بعض التعاطف مع (سلمية الانقلاب المزعومة) جعلهم جميعاً يقفون في وجه الإرهاب والقتل واستباحة الدماء في الشوارع.
الحادث الأليم الأخير برغم قساوته ومرارته، إلا أننا نقول في أنفسنا، علّ هذا الحادث يصحح أخطاء، ويصحح مسارات، ويصحح الأمور في وضع استراتيجيات جديدة لمحاربة الإرهاب، فأكثر ما نحتاجه اليوم هو جملة مراجعات وطنية لسياسة مكافحة الإرهاب بصورتها الحالية.
الحادث الأليم أيضاً جعل الأمير الوالد خليفة بن سلمان -حفظه الله ورعاه- يأخذ زمام المبادرة، كما يفعل دائماً في المواقف لصعبة، ويقوم بزيارة لوزارة الداخلية يساندهم فيها ويرفع المعنويات، ويصغي إلى رجال الأمن، ويسمعهم أيضاً، ويوجه إلى جلب كل الأجهزة التقنية والمعدات التي تحتاجها الداخلية، ويوجه إلى اجتثاث الإرهاب من جذوره، هذه الزيارة كانت هامة جداً في توقيتها ومضمونها ورسالتها.
كل ما سبق من ضمن دروس الأزمة، إلا أن من الضروري أيضاً أن نقول إن الدروس تجعلنا نتعلم للمستقبل، وأهم ما يجب أن نتعلمه هو أن نكافح الإرهاب بإرادة حقيقية قوية، وأن نصل إلى كل الأماكن وكل الخلايا، نريد أن يكون هذا الحادث هو الأخير، وأن نبدأ طريقاً جديداً للأمن.
لا يمكن اليوم أن نبدأ طريق المستقبل دون أن نحصر الأخطاء ونعالج الثغرات، فما يرد إلينا من معلومات أن هناك ثغرات كبيرة في الشركات العاملة بمطار البحرين، بما فيها طيران الخليج وشركات الخدمات، وقد أشرت إلى ذلك شخصياً إبان 2011، لكن يبدو أن الأمور لم تصحح، وأن هناك أشخاصاً إما عاملون بالمطار وإما بالشركات لديهم تصاريح لدخول الطائرات ودخول ساحة المطار، ويعرفون أين توجد الكاميرات، وهل هي تعمل أم لا تعمل، وهذا إن صح فإنه خرق كبير لنظام الأمن بالمطار من جانب الشركات.
الموانئ والجسر أيضاً، هل الأمور هناك صحيحة؟
هل الإجراءات صحيحة؟
هل هناك فريق مختص وخبير ويعرف حقيقة الأمور في المطار والموانئ والجسر ويقوم بدراسة كل الثغرات الأمنية بها حتى نغلق أبواب الشيطان في تلك الأماكن؟
رسالتي هي أن ندرس كل (خرم إبرة في المطار والموانئ والجسر) التي يدخل من خلالها من في قلبه مرض المتفجرات والمخدرات والممنوعات، وربما حتى يهربون الأشخاص، من أجل ذلك نحتاج إلى دراسة كل هذه الجوانب دراسة مفصلة علمية حقيقية واقعية من أشخاص أمناء على أمن الوطن.
من ضمن اعترافات من قبض عليهم مؤخراً في حادث تهريب البحر من إيران، قالوا: «إن الشخص الذي دربهم وأعطاهم المتفجرات قال لهم، ابقوا على المتفجرات لديكم إلى حين أن نقول لكم متى تستخدمونها».
فكم خلية نائمة موجودة أدخلت المتفجرات للبحرين وتنتظر أوامر الولي الفقيه في الداخل والخارج لتضرب الأمن وتقتل بحسب المشروع الإيراني الصفوي الطائفي في المنطقة؟
كثيراً ما طالبنا بمسح شامل للبحرين، لكن لا أعرف لماذا لا يحصل، لا أعرف لماذا نتأخر عن حفظ الأمن ونتأخر في إجراءات ماسة نحتاجها؟
هناك مسألة أخشى أنها أحد أسباب الحادث الأليم، وهي أن سيارات رجال الأمن تسلك ذات الطريق كل يوم، في ذات التوقيت، وتتوقف في نفس المحطات، وإن كان هذا يحدث فعلاً فإنكم تقولون لمن يريد استهدافكم افعلوا ما تريدون نحن مكشوفون.
بحسب معرفتي أن وزارة الداخلية لا تنقصها الكفاءات الوطنية، إلا أن هذه الكفاءات إما أنها كانت ضحية تغيرات أو أن بعضها مكبل اليدين، فكيف يكافح الإرهاب من هو مكبل اليدين وليس لديه القوة والدعم والمساندة من المسؤولين؟
لا نستطيع أن نفعل شيئاً إزاء من قُتل، لكن الذي يريد أن يصحح الأمور يستطيع أن يفعل الكثير للمستقبل، إن كانت هناك إرادة حقيقية لمحاربة الإرهاب، نرجوكم لا تجعلوا الناس تقول إن الدولة ليست جادة في محاربة الإرهاب، هذا مؤلم لنا، ونحن بلد صغير ونستطيع أن نحصر كل شيء، ونصل لكل الإرهابيين، فلماذا نتأخر ولا نبادر؟
الأمن أساس الحياة؛ بل هو الحياة ذاتها، فحين دعا سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ربه حين أنزل أهله بوادٍ غير ذي زرع قال: «ربي اجعل هذا البلد آمناً وأرزق أهله من الثمرات»، وفي هذا الدعاء قدم سيدنا إبراهيم عليه السلام الأمن على الطعام والرزق والماء، برغم أن أهله في وادٍ قاحل لا زرع فيه ولا شجر.
الأمن هو أساس الاستقرار والاقتصاد والتجارة والتنمية، لا يجب أن نفرط فيه ونجعل بلدنا مكاناً للإرهاب كلما زاد الضغط على الصفويين في اليمن، فتصدر أوامر إيرانية ومحلية للتفجيرات بالبحرين.
الأمن يحتاج إلى قوة القرار السياسي الصارم الذي ينتظره الجميع، ويحتاج إلى أن يلقى القاتل مصيره بحكم القضاء، هكذا يستتب الأمن ونطبق شرع الله في القاتل.
** الجمعية الخائنة وسلمية القتل والدماء!
للحق والحقيقة لا ينتظر أهل البحرين من الجمعية التي تسببت بكل الكوارث والأزمات والدماء والتحريض أن تعود إلى رشدها، أو أن تكف يدها عن أهل البحرين، وأن توقف نزيف الدماء.
ماذا تتوقعون من هذه الجمعية غير اللعب على الحبال والدجل، فقد أصبحت بياناتها الممجوجة السمجة مثل الرجل الذي يكذب على نفسه، ومن ثم يصفق لنفسه بحرارة..!
الذين أياديهم ملوثة بالدماء والقتل والتحريض، هل تتوقعون منهم أن يقولوا كلمة حق للوطن؟
أكثر شيء ينطبق على تلك الجمعية هو «سلمية القتل والدماء والتفجيرات»، السلمية تعني عندهم قتل رجال الأمن والتخريب، وإلقاء الزجاجات الحارقة على المارة في الطرقات، ووضع المتفجرات في الطرقات، هذه سلمية القتل عند تلك الجمعية الخائنة.
هكذا تفعل، وهكذا يفعل الأقزام خلفها من الجمعيات الليبرالية الطائفية التي ترتمي في حضن الولي الفقيه، من ثم يريدون إيهام الناس أنهم سلميون..!
الجمعيات الخائنة لن تكون سببأً لاستقرار الوطن وهم يقفون خلف القاتل ويدعمونه ويضعون له المحامين ويصرفون لأهله الأموال، أليس من يفعل ذلك شريكاً في الإرهاب والقتل والتحريض؟
كل المجموعة التي امتهنت الكذب والدجل كيف تنتظرون منها موقفاً وطنياً، أو موقفاً صادقاً من أجل حقن الدماء ووقف الإرهاب؟
مع كل الأسف أن القانون لا يطبق على هذه الجمعية وذراعها الإعلامي المسوق والمبرر للإرهاب والإرهابيين والداعم لهم، القانون مازال معطلاً عند تلك الجمعية الراعية للإرهاب.