نعود لنقطة الصفر مجدداً، ونتذكر كيف تواجه دول مجلس التعاون والدول العربية الأخرى تنظيمات باسم الرب دائماً، وهي جماعات ثيوقراطية راديكالية متطرفة ترفع شعار الدين وتسعى لتحقيق أجندتها السياسية وفق آليات إرهابية إقصائية ممنهجة، وتجد هذه الجماعات بيئات حاضنة لها في دول المنطقة ومجتمعات ضعيفة من دول المنطقة، فتدخل حالة الكُمون في الأولى، وتنشط في الثانية وتتمدد. في البداية ظهر تنظيم ولاية الفقيه، ومارس إرهابه حتى أسس دولته، ثم ظهر تنظيم القاعدة ومارس إرهابه، ولكنه فشل في تأسيس دولته. وبعدها ظهر تنظيم داعش وبدأ بتأسيس دولته بنجاح وفق أيديولوجيته.
التنظيمات باسم الرب باتت ظاهرة من الظواهر السياسية في الشرق الأوسط، وبات على الباحثين والمهتمين أن يضعوا في اعتبارهم ضرورة وجود تنظيمات ثيوقراطية راديكالية باستمرار في سياسات الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن تحليل الظواهر السياسية بمعزل عن هذه التنظيمات أبداً.
ووفق هذا المفهوم، فإن هناك مفارقة أن دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى والقوى الكبرى دائماً ما كانت تحرص على استهداف التنظيمات الثيوقراطية الراديكالية التي تضم مكونات سنية، ولكنها دائماً ما كانت تتجاهل استهداف التنظيمات الثيوقراطية الراديكالية التي تضم مكونات شيعية رغم أن خطوة الاثنين واحدة.
ولاية الفقيه تم تجاهله، القاعدة تم استهدافها، داعش يتم استهدافه حالياً، فهل سيكون هناك تنظيم آخر بعد داعش مستقبلاً؟
الإجابة يجب أن تكون بالتأكيد سيكون هناك تنظيم آخر، وقد يكون التسويق الغربي لخلية خراسان هي بداية لتنظيم ثيوقراطي متطرف سيكون له الدور بعد داعش مستقبلاً سواءً استمرت الحرب ضد داعش خمس أو عشر أو حتى عشرين سنة.
والنتيجة بعد القضاء على داعش أن هناك تنظيم آخر متطرف سيكون له هامش واسع للتحرك واكتساب النفوذ والقوة السياسية وهو ولاية الفقيه الذي لم يدخل العالم في مواجهة معه تماماً، بل يتم التعامل معه كأيديولوجيا معتدلة.
جميعها تنظيمات باسم الرب، رغم أن الدين والمذاهب بعيدة كل البعد عنها، ولكنها باتت أداة من أدوات الصراع في الشرق الأوسط، وهي تنظيمات يجب أن توضع استراتيجية مستقبلية لمواجهتها، وتحقيق هدف واحد لا غير وهو كيفية القضاء على التنظيمات باسم الرب ومنع ظهورها مرة أخرى لأنها سبب رئيس من أسباب ديمومة الصراع في المنطقة، وعامل من عوامل الفوضى التي عمت الدول وباتت من تحديات استقرار ووحدة الدول الممتدة من الخليج العربي حتى المغرب العربي قرب المحيط الأطلسي.