المحصلة النهائية لاستمرار أيديولوجيا داعش وأيديولوجيا ولاية الفقيه ظهور دول خليجية جديدة سيكون من الصعوبة بمكان تحديد حدودها الجغرافية، وحتى توقع إطارها الزمني الذي يمكن أن تظهر فيه. فكل أيديولوجيا من هاتين الأيديولوجيات لها تصورها النظري لإنشاء دولة مترامية الأطراف ستكون دولة ثيوقراطية بلاشك على غرار الدولة الفعلية التي تمكنت من تحقيقها ولاية الفقيه في طهران قبل أكثر من ثلاثة عقود، وما أنجزته داعش في العراق والشام قبل نحو سنتين تقريباً.
السماح ببقاء أيديولوجيات متطرفة أو الترويج لفكرة التعايش معها ليس مجدياً البتة، فنحن أمام مرحلة تحول تاريخية، إما أن تبقى دول مجلس التعاون الخليجي، أو تتحول إلى دول أخرى لن تتمكن المنظومة الخليجية من استيعابها لأن هناك أيديولوجيات ستحكم مستقبلاً إذا لم تتم مواجهتها جدياً وهذا هو الأهم.
بالطبع ستكون هناك دول خليجية جديدة قد تكون أسماؤها غريبة، ولكنها ستكون كيانات مفتعلة قسرياً، ولن تكون الشعوب الخليجية هي نفسها الموجودة حالياً، بل ستكون هناك شعوب هجينة تقتات على الإرهاب، وستعود مجتمعات المنطقة إلى عصر الجاهلية الذي كان فيه سائداً نمط السيد والعبيد.
هذا التصور البسيط وقابل التطبيق سيكون حقيقياً إذا كان هناك تقاعس جماعي على عدم مواجهة التطرف والإرهاب والجماعات الراديكالية المتمددة من بلاد فارس والعراق والشام، ولا أعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي ترغب في أن يكون بجوارها دولة متطرفة كما كان الحال عليه في الحدود الجغرافية بين تركيا ودولة داعش المزعومة مما دفع أنقرة إلى الدخول في مواجهة عسكرية لتحرير الأراضي السورية المجاورة لها من نفوذ وهيمنة داعش.
العمل ضد مشروع الخليج العربي الجديد يتطلب عملاً جماعياً وفق نظرية المصلحة الجماعية، أما إذا كانت كل دولة خليجية لديها تصورها الخاص ومصالحها الذاتية الخاصة التي يمكن أن تغلبها على المصالح الجماعية، فإن هذا سيكون مدخلاً لمجتمعات ضعيفة وهذا هو المدخل الذي يمكن أن تدخل منه الجماعات المتطرفة مدعومة بقوى إقليمية ودولية لتحقيق مشروع الخليج العربي الجديد بدول جديدة لا نعرف شكلها أو حدودها أو حتى شعوبها.
مازالت الفرص متاحة للعمل الخليجي الجماعي ضد الجماعات الراديكالية، وقبل ذلك يجب أن يكون هناك اتفاق خليجي على من هي هذه الجماعات، وكيفية مواجهتها بشكل جماعي بجهود ذاتية بعيداً عن المخاوف الغربية والإقليمية التي تزيد من الصراع وتعقده أكثر مما تساهم في معالجته.