من قرأ بيان وتصريح وزير الطاقة في دولة الإمارات حول تحرير أسعار الجازولين والديزل ابتداء من الشهر القادم يدرك الفرق بين الإمارات والبحرين في معالجة موضوع الدعم من حيث أهداف إلغاء الدعم والوسيلة التي اتبعت للوصول إلى اتخاذ هذا القرار، والطريقة التي خاطبت فيها الحكومة المواطن المستهلك، والآلية التي ستتبع لحساب أسعار هاتين المادتين في المستقبل.
الإمارات مثل البحرين وغيرها من دول الخليج العربية تأخرت كثيراً في إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية، وهذا التأخير أدى إلى إهدار للطاقة وتنامي الاستهلاك الرخيص واستخدام متزايد للسيارات غير الموفرة للوقود، وخسارة الدولة سنوياً مليارات الدولارات تذهب معظمها إلى من هم في غير حاجة إلى دعم.
لكننا في البحرين كنا ومازلنا نصرح كثيراً، ونقول كلاماً وأرقاماً متناقضة، ونعلن بأننا عازمون على إعادة النظر في الدعم -كل الدعم- وتوجيهه إلى مستحقيه، ونضمن الميزانية أرقاماً ضخمة لدعم الغاز والمشتقات النفطية نقول عنها أحياناً إنها وهمية وغير حقيقية وأحياناً أخرى إنها تمثل الفرق بين كلفة الإنتاج محلياً والأسعار العالمية، لكن الأسعار العالمية متحركة صعوداً وهبوطاً والأسعار المحلية ثابتة مثل أبوالهول.
أما من هم في الإمارات فقد التزموا الصمت وعملوا على وضع الدراسات وإجراء المقارنات الاقتصادية بينهم وبين الدول الأخرى التي لا تتضمن اقتصاداتها أي نوع من الدعم، دراسات حول الكلفة والأسعار محلياً وفي دول الجوار والعالم، وحول الفوائد والانعكاسات الإيجابية والسلبية على الاقتصاد وعلى المواطن المستهلك فيما لو ألغي الدعم وتم تحرير الأسعار، واليوم عندما أعلنوا قرارهم بتحرير أسعار البنزين والديزل حرصوا على شموله كل المعلومات والأرقام التي خلصت لها هذه الدراسات، وشكلوا لجنة ممثلة للحكومة وشركات توزيع المشتقات لمتابعة الأسعار عالمياً وتحديدها شهرياً على النطاق المحلي.
فمتى تفعل البحرين الشيء ذاته، متى تؤمن بالدراسات وبأهميتها وضرورتها لاتخاذ القرار الصائب والعادل، وتؤمن أن هناك علاقة وثيقة بين الإبقاء على الدعم وإلغائه من ناحية ومعدل دخل الفرد والعائلة، وهو ما درسوه في الإمارات وعرفوه، وما نتعمد نحن إخفاءه والتهرب منه.