هذا السؤال طرحته أنا عدة مرات خلال العشرين سنة الماضية وطرحه غيري من الكتاب والاقتصاديين المهتمين بقضايا التنمية في بلادنا بصفة خاصة والمنطقة الخليجية بصفة عامة.
التخطيط هو أن تعرف أين تقف اليوم، وما هي الأرضية التي تقف عليها، ماذا بها من إمكانيات، وما هي الوعود التي تبشر بها، والتحديات التي تعترض تحقيق الوعود والأهداف.
وعلى الجانب الآخر تنظر إلى بعيد وتضع لك هدفاً أو أهدافاً تريد الوصول إليها، ومن ثم توظف ما لديك من إمكانيات وقدرات وثروات لاستخدامها في رسم الطريق وبلوغ نهايته التي عادة ما تكون ناجحة تماماً أو بنسبة معينة، مما يستلزم الوقوف أمام النتائح ودراستها والاستفادة من إيجابياتها وسلبياتها في تصحيح المسار المستقبلي ووضع الخطة أو الخطط القادمة.
وبهذا المعنى فالتخطيط يعتمد على قاعدة مزدوجة تتمثل في وجود المؤسسات كنظام، وعندما توجد المؤسسة فإن الأفراد يتوارون خلفها ولايصبح لهم صوت أو رأي خارجها أو أعلى منها أو مغاير لها.
والجانب الآخر من هذه القاعدة يتمثل في الدراسات المتخصصة والتي تتضمن المعلومات والأرقام والتحليلات المبينة والمناقشة للسلبيات والإيجابيات والأرباح والخسائر وغيرها من العناصر التي تصب كلها في إعداد الخطط والمبادرات والبرامج وعرضها على السلطة التشريعية وغيرها من الهيئات المتخصصة والمعنية بالتنفيذ.
وأعود للسؤال مرة ثانية وأقول متى ننبذ عنا أسلوب المبادرات الآنية والتحركات المفاجئة والتي تعتمد أغلبها على ردود الأفعال وليس الأفعال المدروسة والناتجة عن عمل جماعي من أصحاب خبرة واختصاص وليس من محسوبين على هذا أو ذاك.
متى تكون لدينا استراتيجية أو خطة تنمية رباعية أو خماسية مثل دول العالم الأخرى، فيها مكان للصناعة وآخر للزراعة وثالث للسياحة، وخامس لاقتصاد المعرفة، خطة تحدد دوراً واضحاً للتعليم وما هو الدعم الذي تقدمه الصحة، وما هي الأهداف التي نريد تحقيقها في كل قطاع من قطاعاتها، ما هي فرص العمل التي ستوفرها بعد سنة أو خمس سنوات، وما هو دور هيئات العمل والتدريب وبنك البحرين للتنمية وتمكين وغيرها في قلب معادلة العمل من هيمنة كبيرة للعمالة الأجنبية إلى استرداد العمالة البحرينية لحقوقها ووضعها الصحيح والطبيعي في وطنها، هل تصبح لدينا خطة تنمية شاملة ومستدامة مثل الآخرين أم نبقى نلاحق التصريحات الفردية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.