هناك تناقض بين ما يطرحه النواب حول مستوى حصاد مجلسهم بصفة خاصة والسلطة التشريعية بصفة عامة، بعضهم يقول إن المجلس حقق إنجازات كبيرة تنعكس بالفائدة على متطلبات معيشة المواطنين، وهؤلاء يضربون مثالاً على ذلك بتمكن المجلس خلال الشهور السبعة من إتمام مناقشة وتمرير برنامج عمل الحكومة ومن ثم الميزانية العامة للدولة، وأن الاثنين عادا على المواطنين بالخير الكثير..
ويرى نواب آخرون رفضوا الموافقة على برنامج الحكومة وعلى الميزانية العامة للدولة وعلى رفع سقف الدين العام إن رفضهم هذا نابع من قناعتهم أن الحكومة تعاملت مع هذه الموضوعات الثلاثة من مصلحتها، وإنها إما رفضت منذ البداية أو أنها تراجعت بعد ذلك عن تلبية الكثير من المطالب المعيشية، كما تهربت متعمدة من الإجابة على أسئلة محورية ملحة ومؤثرة في حاضر ومستقبل البحرين الاقتصادي منها على سبيل المثال:
- وضع خطة تنمية تهدف إلى تنويع وزيادة مصادر الدخل، مع التركيز على مجالات وقطاعات بعينها مثل الضرائب ومن أي نوع أو حجم وكيفية تطبيقها وما هي الإيرادات المتوقعة منها، وإذا كانت الضرائب مرفوض سنها وحتى مناقشتها، فلماذا لا يطالب بها مجلس النواب ويلزم الحكومة بإبداء رأيها وتوضيح أسبابها، وبعد الضرائب هناك الصناعة وبالتحديد الصناعة التحويلية التي تؤدي إلى الاكتفاء الذاتي وتتجه نحو التصدير وتسير في درب التكامل مع الصناعات الخليجية الأخرى.
فتنويع مصادر الدخل الذي يعطى القطاع الخاص الدور الرئيس في تحقيقه لن يحررنا فقط من عبودية النفط إنتاجاً وأسعاراً وإنما سيؤدي كذلك إلى زيادة الإيرادات غير النفطية ومن ثم يمكننا من إنهاء العجز في الميزانية، وهو العجز الذي جاءنا من انخفاض أسعار النفط ولجوء الحكومة إلى خيار الاقتراض لتغطية هذا العجز أو هكذا يقال..
- وضع برنامج محدد ومزمن لتسديد الدين العام الحالي والمستقبلي، على أن يتضمن المصادر والمبالغ التي ستعتمد في التسديد، ومن ثم تحديد الضمانات التي تحد من الاقتراض مستقبلاً.
- وضع تصور واضح لحل موضوع الدعم بحقائقه ومجالاته.
- إلا أن التطرق إلى هذه الموضوعات ومعرفة التوجهات اللازمة والصحيحة نحو بلوغ حلول لها لا يتم بانتظار تحرك الحكومة لتقديم تصوراتها، فقد أثبتت تجارب المجلس الحالي والمجالس الثلاثة السابقة أن الحكومة لا تريد إنهاء هذه الموضوعات وبالتالي فإن المسؤولية تقع على عاتق مجلس النواب إذا ما أراد هو الآخر وضع حلول ناجعة لها، وهي مسؤولية تبدأ أولاً بتكليف جهات أو أشخاص مختصين بوضع دراسات خلال العطلة الصيفية مثلاً، ويجري طرحها في اجتماعات المجلس القادمة ومناقشتها بجدية وعلمية وبالاعتماد على الحقائق والمعلومات وليس على مبدأ أحب وأكره.