المعادلة كالآتي؛ أبلسة السنة تساعد على تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وتمكين قوى سياسية جديدة، وبالتالي حماية المصالح الغربية في المنطقة.
المعادلة تقوم على أن القوى السياسية الجديدة التي سيتم تمكينها هي أكثر اعتدالاً، وستساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بدلاً من القوى الحالية التي سيطرت على المنطقة تقليدياً، وتحديداً المكون السني، وتتم هذه العملية من خلال أبلسة السنة.
إشكالية المعادلة أنها تعتمد على قصور واضح في الفهم الغربي لطبيعة المجتمعات العربية، وتحديداً المكون السني الذي يملك قابلية سريعة للتطرف متى ما شعر بتهديد يتعلق بوجوده أو مستقبله أو حتى مصيره. والقصور أيضاً يشمل فهم طبيعة المكون الشيعي الذي يجري تمكينه حالياً، فهي أيضاً لديه القابلية السريعة للتطرف.
وحتى نعرف معنى مفهوم القابلية السريعة للتطرف، فإننا سنشير إلى الانخراط السريع للأفراد في الجماعات الثيوقراطية الراديكالية، كما هو الحال بالنسبة لانخراط السنة في تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، أو انخراط الشيعة في تنظيمات مثل حزب الدعوة أو حزب الله الإرهابي. فانخراط السنة والشيعة في تنظيمات متطرفة سريعاً غالباً ما يتم باسم «الدين»، والعملية تتم بدءاً من التجنيد، ثم التدريب، إلى التوريط في أعمال إرهابية سواءً كانت باسم الدين أو باسم المطالب والحقوق.
التعويل الغربي على أبلسة السنة سيقود إلى التطرف، ومزيد من التطرف في المنطقة، وهو ما يعني القضاء على ما تبقى من تيارات واتجاهات الاعتدال في المنطقة لأنها لن تجد أي فرصة لتنشر أفكارها، أو تزيد من اتجاهات الاعتدال بين الرأي العام. ويمكن هنا استعراض نموذجين يمثلان نتاجاً للفهم والطموح الغربي:
أولاً: النموذج العراقي؛ تم القضاء على المكون السني، وتم تمكين المكون الشيعي بعد غزو العراق في ربيع 2003، فكانت النتيجة تطرف السنة، وتطرف الشيعة في الوقت نفسه، لينتقل التطرف سريعاً إلى المواجهة المسلحة التي دامت 12 عاماً حتى الآن.
ثانياً: النموذج المصري؛ دعم الغرب جماعة الإخوان المسلمين، حتى وصل التنظيم إلى سدة الحكم، فتمكن التنظيم من إقصاء كافة التيارات السياسية ووصل إلى حالة من التطرف دفعت الشعب إلى إسقاط حكمه، ليتورط التنظيم لاحقاً في أعمال الإرهاب التي تستهدف المكون السني أيضاً.
الصراع في الشرق الأوسط مازال في بداياته، وستكون النتيجة المقبلة كارثية للغاية إذا استمرت المعادلة الغربية لأنها خطرة للغاية، وخطورتها الأكبر على المجتمعات العربية قبل المصالح الغربية. ومن الواضح أنه لا يوجد أي اهتمام غربي بكيفية بناء شراكات بين مختلف مكونات المجتمع لبناء مجتمع تعددي قادر على التعايش السلمي يحقق الأمن والاستقرار، ويحمي المصالح الغربية، في وقت يتركز فيه الاهتمام على كيفية تغليب طرف على آخر وفق نظرية «أبلسة السنة».