يقول الشيخ سلمان العودة: «أردت أن أخرج ذات صباح؛ فوجدتني أعبئ جيوبي بهاتف خلوي ذات اليمين وآخر ذات الشمال، وأتفقد آلة كانت في يدي، وأتجه لآي باد لأصحبه، وأعيد جهاز التحكم «الريموت» إلى موضعه، لأخلص بعد ذلك إلى السيارة وتوابعها وملحقاتها، وأفكر أن أضع معي كيساً أو حقيبة صغيرة تجمع هذه الأشتات، وتحفظها من الضياع! إنها صحبة تحيط بالإنسان، بدءاً من نومه حين يضع المنبه أو الجوال، ومروراً بخيالاته قبل النوم، التي هي انعكاس لما رآه على الشاشة».
أضحت حياتنا حياة «تأليل» كما أسماها الشيخ سلمان العودة نعيش من خلالها في «طواحين الآلات» التي حطمت تلك الأحاسيس المرهفة والمشاعر الجياشة التي نتبادلها في عوالم الحياة.. بالفعل فإن حياتنا أضحت مجرد «آلة صغيرة» نشاهد من خلالها كل ما نرغب فيه من حياة العالم وكل إنسان نتتبع سيره!! آلة ألهتنا عن تلك الجلسات المحبوبة التي نتسامر فيها، ونتبادل فيها شؤون وشجون الحياة.. اليوم لم نعد بحاجة حتى نتزاور.. بإمكانك بضغطة زر أن تتواصل مع من ترغب، وتطلع على كل تفاصيل حياته.. «فالآلات» قربت الكثير وألبست حياتنا لباس «الكسل» والعياذ بالله.. وحتى بعد أن نجلس من النوم في يوم جديد من حياتنا، فأناملنا تتسارع لجهاز الهاتف، وللمنبه ولأزرار الكهرباء.. يا للهول.. حتى عقولنا أضحت مجرد «آلات» لا تفكر في مسير الحياة وفي المستقبل ولخطوات الخير، بل غدت تترنح على عتبات الآلات وبخاصة التي تجعلها تعيش في عالم منعزل داخلي بعيد عن الوقائع الملموسة، ويخلو عن علامات الحب الحقيقي.. عقول باتت تسرح في عالمها الخيالي، وتستخدم غريزتها لتعيش في خيالات وهمية، مردها شخصيات باهتة لا تعطي أي معنى للحياة الناجحة..
إننا في مسيس الحاجة للتوازن الحياتي في مجمل معاملاتنا اليومية وليس في مجال «الآلات أو وسائل التواصل الاجتماعي»، حتى لا يغلب الطابع «الخيالي المتوتر» على حياتنا، ونستفيد من هذه الوسائل التي غزت حياتنا بأسلوب إيجابي متزن، نحذر من خلاله من الإسراف في الأوقات، وعرض جميع جزئيات الحياة أمام الآخرين، حتى لا نصاب بأمراض نفسية «ووهمية» تبعدنا عن حياة الإيجابية والنجاح..
إحساس جميل عندما تعزف أناملنا على أوتار المشاعر والأحاسيس التي تقرب القلوب بدفء التقارب والمعاشرة.. كم نتمنى أن نعود إلى أحضان الضحكات الجميلة ولمة العائلة والأصحاب.. بدون أن تكون أنظارنا في أجهزة.. سلبت منا الكثير.. أمنية جميلة نتمنى تحقيقها.