هذه حقيقة بالفعل؛ إذ وجه رئيس زيمبابوي روبيرت موجابي دعوة مفتوحة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لـ«الزواج» منه، بعد إقرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية -قبل أيام- قراراً بموافقة 5 قضاة واعتراض 4 على منح «الشاذين جنسياً» حق الزواج في كافة الولايات المتحدة.
دعوة موجابي «الساخرة» سبقتها دعوة مماثلة قبل ستة أشهر حينما انتقد أوباما «حقوق الإنسان» في زيمبابوي، يومها قال موجابي: «إذا كان أوباما يريدنا أن نوافق على زواج المثليين في بلادنا فعليه أن يوافق أن أتزوجه، ليكون قدوة ومثالاً جيداً».
وربما لا يلام موجابي هنا، إذ قد يكون تحت ضغط الاستفزاز، إذ الرئيس باراك أوباما ألقى خطاباً بعد صدور حكم المحكمة، قال فيه بأن القرار «انتصار لأمريكا، وأنه انتصار للحب»!
هنا من المهم معرفة أن قرابة 77% من الأمريكيين مسيحيون، وأن الأناجيل فيها نصوص واضحة على خلق الله البشر من ذكر وأنثى ليكونوا بمثابة أزواج متبادلة وتحديداً في سفر «التكوين»، وذلك، صدور قرار المحكمة وتأييده الفوري من البيت الأبيض، تسبب بإثارة غضب المتدينين، حيث أصدر 100 قس إنجيلي أمريكي وثيقة برفض القرار. في مقابل حشود من المهللين والفرحين أمام البيت الأبيض الذي اكتسى بألوان «قوس قزح» في دلالة على شعار «المثليين»، بينت حجم تفشي هذه الظاهرة، وأنها في ازدياد كبير رقمياً، وأن المجتمع الأمريكي بدأت تهتز فيه كثير من القناعات والقيم التي بحيث أصبحت العملية مسألة عادية جداً، وتحولت من ظاهرة شاذة قبل عقود إلى مرض وصولاً إلى حالة «طبيعية» مثلما قال أوباما في خطابه.
إحصائيات تقبل الشارع الأمريكي للشذوذ في عام 2010 كانت تشير إلى رفض 60% من الناس لفكرة إباحة هذا الزواج قانونياً، لكن بحسب مراقبين أن هذه النسبة تغيرت بسبب خطة إعلامية ضخمة تم العمل عليها بنفس أسلوب خطة الرئيس السابق جورج بوش حينما أراد ضرب العراق ودخولها فأقنع العالم «إعلامياً» بأن هناك مخازن ضخمة كبيرة لأسلحة الدمار الشامل.
الطرق المستخدمة كانت عديدة، إذ ساهمت المسلسلات والأفلام في ترسيخ صورة «محببة» للشاذين جنسياً، حتى فيلم «الإسكندر المقدوني» لـ«ويل فاريل» تم بيان شخصية المقاتل العظيم على أنه يميل لبني جنسه، إضافة لمسلسلات تحتل المراتب الأولى في المتابعة، مثل «Modern Family» و»Grey’s Anatomi»، وغيرها التي تبين «مثيلي الجنس» أفضل الشخصيات المحببة، بل أسند دور «مضيف» حفل الأوسكار لعامين متتاليين لأحد أبطال مسلسل «How I met your mother» باتريك نيل هاريس المعروف بأنه متزوج من صديقه!
طبعاً أضيفوا لها استخدام المشاهير والشخصيات المحبوبة عالمياً للحديث عن الظاهرة وكأنها شيء طبيعي وعادي للتأثير على تقبل آلاف من متابعيهم للفكرة. مع تقديم صورة لكل من يعارض أو ينتقد حقوق «المثليين» على أنه شخص متخلف جاهل وغير تقدمي وصاحب أفكار بالية، وهي مسألة جعلت كثيرين يفضلون السكوت وعدم التعبير عن رأيهم، داخل المجتمع الأمريكي. وتخيلوا أن الخطة نجحت حتى في التأثير على رأي بعض الكنائس الأمريكية ووافقت على الزواج!
إلى حد ما كتبناه أمور نشرت واطلعت عليها الناس، والغالبية العظمى من البشر «الأسوياء» انتقدوا حماسة باراك أوباما للموضوع.
لكن ما كشف يوم أمس تحديداً وتناقلته بعض وسائل النشر والإعلام أمر يستوجب الوقوف عنده.
جون لوفيت، وهو كاتب مسلسلات كوميدية في هولييود حالياً، لكنه في سنواته السابقة كان يعمل في البيت الأبيض، وتحديداً كـ«كاتب خطابات» الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى عام 2011، وسبق ذلك أن كان كاتب خطابات هيلاري كلينتون خلال وجودها في مجلس الشيوخ وخلال أول حملة رئاسية لها، وقبل أربعة أعوام غادر ليدخل عالم الفن.
لوفيت كشف أمس تحديداً، أنه كان متأكداً قبل سنوات بأن زواج «المثليين» سيصبح قانونياً على الصعيد الوطني، وأنه قام بنفسه بتنفيذ أول زواج «مثلي» في «البيت الأبيض» مقر إدارة الرئيس قبل سنوات بين موظفين هناك يدعيان «ستيف» و«جاستن»، ووصف بالضبط خط السير الذي قاموا فيه ابتداء من الطابق الأرضي وتحديداً من الجناح الغربي مروراً بغرفة العمليات وقاعة مجلس الأمن القومي، باتجاه مكتب الرئاسة البيضاوي سيراً في الأروقة الفخمة لمقر الإقامة انتهاء بحديقة الورود التي وجه فيها لوفيت أسئلته المتبادلة لـ«ستيف» و»جاستن» بـ«هل تقبل بفلان زوجاً لك»؟ والعكس!
للأسف هذه هي خلاصة أعمال وتفكير وقناعات رئيس أقوى قوة عالمية، الذي حينما فاز ظن الناس بأن «مارتن لوثر كينج» بعث من جديد، وأن تداعيات غباء إدارة جورج بوش الابن ستنتهي إلى غير رجعة، لكن الذي اتضح بأن «أختك مثلك»، بل ربما «ألعن»، وتأكد لدينا بأنه لم يطلق على «البيت الأبيض» اسمه، إلا بسبب «سواد» عمل من فيه، سواء ما يحصل بداخله من أفعال و«زواج مثليين» مثلما كشف لوفيت، أو قرارات، وخطط ومؤامرات، وعمليات تجسس طالت حتى رؤساء الدول. ختاماً، نذكر قوم «لوط» بتهنئة أوباما لهم، ونذكره هو بكلام الرئيس موجابي، ونقول: «ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا».