بعد تمرير الميزانية العامة 2015-2016 والموافقة على رفع سقف الدين العام إلى 7 مليارات دينار وقف عدد من النواب وطلبوا أن تلتقط لهم صورة جماعية وهم يرفعون ثلاثة أصابع دلالة على صورة نصر بنسبة 150%، وهي علامة غريبة خضعت لأكثر من تأويل..
البعض قال إن علامة الأصابع الثلاثة التي رفعها النواب ومعها ابتسامة عريضة باتساع الشدقين تعني أن النواب انتصروا على الحكومة وأنهم سجلوا عليها ثلاثة أهداف كلها تصب في تحسين معيشة المواطن وهذا ما قاتلوا من أجله بكل ضراوة أثناء مناقشة ميزانية الدولة.
الأهداف هي: الموافقة على تخفيض وتحديد علاوة تحسين مستوى المعيشة للمتقاعدين وذلك بجعلها 360 ديناراً تصرف لمرة واحدة خلال عام 2015 فقط وبعد ذلك تحول إلى حساب المجهول بوزارة المالية.
والهدف الثاني تخفيض دعم الأسر محدودة الدخل من 115 مليون دينار و80 مليون دينار في عامي الميزانية إلى 70 مليون دينار للعام الواحد وريثما ينظر في مستقبلها، والهدف الثالث هو تعليق موضوع الدعم وترك الأمر برمته مبهماً بما فيه الدعم غير الحقيقي والدنانير الخمسة الخاصة بتعويض دعم اللحوم، تركه إلى أجل تسميه وتقرره الحكومة ويمرره النواب كما مرروا برنامج الحكومة والميزانية.
فريق آخر كانت نظرته إلى الأصابع الثلاثة المحلقة فوق الرؤوس أحياناً وفوق الأنوف أحياناً أخرى، كانت نظرته بعيدة وتفسر رفعها على أنها تعبير عن انتصار منكوس لأصحاب السعادة النواب في ثلاث قضايا مالية واقتصادية رئيسة لا يمكن الحديث عن تحقيق تقدم ولا إصلاح ولا انتعاش اقتصادي بدون وضع حلول مبرمجة ومزمنة لها.
أول هذه القضايا هي الدين العام الذي عاد النواب ووافقوا على رفع سقفه إلى 7 مليارات دينار بعد أن سبق ورفضوه بأغلبية 30 صوتاً أولهم رئيس المجلس، والغريب أن موافقتهم السريعة هذه المرة جاءت بعد أن أبلغتهم وزارة المالية أن الدين العام سيرتفع خلال الميزانية الحالية إلى 9 مليارات دينار وربما أكثر، وأثناء التصويت (التحصيل الحاصل) لم يسأل أحدهم ما قيمة موافقتنا هذه ما دام الدين العام سيقفز إلى ما هو أبعد بكثير من المليارات السبعة!
وثاني هذه القضايا هو العجز في الميزانية والذي بدلاً من أن يتزامن التصويت عليها بوضع وزارة المالية لخطة واضحة للقضاء على هذا العجز أو تقليله بالتدريج، بدلاً من ذلك تجاهلته الحكومة والنواب وكأنه موضوع عادي ليس فيه ضرر ولا ضرار.
وثالث هذه القضايا الرئيسة هي معالجة الدين العام وعجز الميزانية بإيجاد ميزانية تنمية تقوم على تنويع وزيادة مصادر الدخل والتحول من ميزانية تعتمد على الإيرادات النفطية بنسبة 80% إلى الاعتماد بنفس هذه النسبة على الإيرادات غير النفطية، وإلى التحول من جعل المصروفات المتكررة تستحوذ على 85% إلى إعطاء هذه النسبة لمصروفات المشاريع.
انتصارات (انتكاسات) ثلاثة رفع النواب أصابعهم عالياً من أجلها!