كتب لي القارئ العزيز بوأحمد المهزع تعليقاً مهماً على مقال أمس حول العمل الخليجي المشترك لمواجهة الإرهاب، وأعتقد من الأهمية بمكان أن نستعرض جانباً مهماً من رأيه ثم نعلق عليه:
«حسب مقالتك يوم الثلاثاء.. فإنني أخالفك الرأي لحيوية الضروريات لسيادة الدول الخليجية وبقائها في أمن وطمأنينة وعزة، مهما واجهت من نكبات وفواجع، الإرهاب على دول مجلس التعاون ينقسم إلى معسكرين؛ التيار الشيعي والتيار الجهادي، وهما أعداء وخصمان كارهان بعضهما بعضاً.
مؤقتاً رغم خطورة القرار، لابد من دول مجلس التعاون الخليجي، أن تستقطب أحد التيارات وتتعاون معه لضرب وهزيمة التيار الثاني وتكسير مقومات قوته وإبادته، سيكون التيار المنتصر منهكاً من مواجهة التيار المنهزم، فيسهل الفتك به أو أنه سيكون ضعيفاً بعد المعركة أن يضرب دول مجلس التعاون وقد قدم التضحيات والخسائر وسيكون بحاجة لإمداد لوجستي بالمال والأسلحة والجنود.
كيف يتسنى لدول مجلس التعاون الخليجي أن يستهلكوا وينهكوا القوات العسكرية والجيوش لمواجهة عدوين لدودين لهم والعدوان اللدودان يكرهان بعضهما؟
لا يبدو أن أمريكا وحلف الناتو وبريطانيا لهم اليوم كلمة وثقل عسكري بدون التدخل البري، ولا يبدو أنهم في قوتهم كما كانوا في الخليج عام 1991».
رأي القارئ العزيز مهم لأنه يتحدث عن استراتيجية مواجهة الإرهاب، وما إذا كانت تعتمد على المواجهة المباشرة لكافة الجماعات الإرهابية، أم يمكن الاعتماد على استراتيجية أخرى تقوم على ضرب التنظيمات بعضها بعضاً من خلال دعم تيار من التيارات الإرهابية.
ليس من المجدي الاعتماد على استراتيجية ضرب التنظيمات الإرهابية ببعضها بعضاً، لأنها استراتيجية تفتح المجال لتغول تيار إرهابي على آخر. فلو تم التحالف مع أحد التيارات لضرب التيار الآخر، فإن النتيجة ستكون أن أحدهما سيكون ضعيفاً، والآخر قوياً بسبب الدعم، وما أن يفرغ التيار القوي من خصمه -إذا استهدفه فعلاً- فإنه سينتقل لمواجهة الدولة التي قامت بدعمه لأنه يرفضها من أساس.
لدينا في دول مجلس التعاون الخليجي تجربة تاريخية مهمة في استغلال التيارات السياسية، وأعطتنا درساً يجب أن يظل حاضراً دائماً. فعندما توحشت قوى اليسار بعد منتصف القرن العشرين، تم دعم التيارات الإسلامية، وتحديداً الإخوان المسلمين لمواجهة قوى اليسار، ولاحقاً عندما تنفذ «الإخوان المسلمين» تم دعم السلف. وفي كل مرة يتم دعم إحدى القوى السياسية تكون النتيجة أن الطرف المدعوم يتغول ويتوحش على الدولة الخليجية.
الإرهاب ليس مرتبطاً بدين أو مذهب، بل هو أيديولوجيا متطرفة راديكالية يجب محاربته سواءً كان سنياً أم شيعياً أو حتى مسيحياً أو يهودياً وفي كل مكان. والمواجهة لابد أن تكون شاملة تستهدف الجميع، وتسعى للقضاء على الجميع، تلك هي المعادلة المطلوبة.