الإرهاب ليس ظاهرة نتحدث عنها موجودة في أمريكا، أو بعض الدول الأوروبية، أو أفغانستان أو حتى باكستان وغيرها، بل هو ظاهرة باتت موجودة ومنتشرة في دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يعني أن الدول التي لم تشهد هجمات إرهابية أنها في غنى عن مثل هذه الأعمال، بل المستهدف دول المنظومة الخليجية برمتها، وهو تحد آخر يتعلق بمستقبل الدول الخليجية وديمومتها.
الإرهاب جاء إلى دول مجلس التعاون بسبب الجماعات الدينية المتطرفة السنية والشيعية، واليوم لا خيار إلا بمواجهة هذه الجماعات بكافة الإمكانيات المتاحة، وإلا سيكون المصير كما نراه اليوم في العراق، حيث بات من الصعب التمييز بين العمل الإرهابي، والعنف الطائفي، والحرب الأهلية، وقمع ووحشية الحكومة.
عندما يدق جرس الإرهاب، فإن فكرة الانتظار واتخاذ إجراءات صارمة خيارات لا مناص منها، ولكن الأهم من ذلك البحث عن الخيارات الاستراتيجية لمواجهة هذا التحدي الذي يهدد الأمن والسلم الأهلي.
البحرين كانت أولى الدول الخليجية معاناة مع إرهاب القرن الحادي والعشرين، ثم سرعان ما انتقل إلى السعودية، والآن اكتوت الكويت بنيران الإرهاب، وماذا ننتظر بعد؟ هل ننتظر أن ينتقل الإرهاب إلى الدول الخليجية الأخرى؟ أم ننتظر زيادته أكثر فأكثر؟
لا توجد لدي إجابات، ولكنني أرى أن الجدية والمسؤولية تتطلبان الآن عقد قمة خاصة لمجلس التعاون الخليجي لبحث استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب. فمواجهة الظاهرة والجماعات الإرهابية المتطرفة التي باتت تنتقل من شمال الخليج في الطريق إلى جنوبه لا يعد عملاً أحادياً من الممكن أن تضطلع به دولة واحدة، بل هو تحد جماعي يتطلب عملاً جماعياً. ورغم أن هناك درجة من درجات التعاون الخليجي ـ الخليجي في مجال الإرهاب، فإن المسألة هنا تتطلب قرارات جماعية مشتركة في كيفية المواجهة الخليجية لتحدي الإرهاب، خاصة أن ما يدفع ذلك أن الجماعات الإرهابية المتطرفة هي نفسها التي تستهدف دول مجلس التعاون ولا ترغب في استمرار دول هذه المنظومة بأنظمتها السياسية ونخبها المالكة والحاكمة مثل جماعات ولاية الفقيه الإرهابية وجماعة داعش الإرهابية.
تجارب الدول الأخرى في مواجهة الإرهاب، وتحديداً الغربية منها تختلف كثيراً عن تجاربنا في الخليج من حيث التكتيكات، والأنظمة وحتى التشريعات، والخطاب. وأقل الفروقات بين التجربة الغربية في مواجهة الإرهاب ونظيرتها الخليجية، أن الأولى تعتمد على اجتثاث الإرهاب بدءاً من الفكر ومصادره، وانتقالاً إلى منابع التمويل وصولاً إلى التنظيمات. وهذه معادلة مختلفة من الممكن الاستفادة منها خليجياً لأنها من الممكن أن تساعد في الوصول للنتائج المرجوة.