عندما تعلن وزارة المالية أن الدين العام سيرتفع هذا العام أو العام القادم إلى 9 مليارات دينار فهذا يعني أن هذا الدين سيرتفع من 6 مليارات دينار في الوقت الحاضر (48% من الناتج الإجمالي المحلي) إلى 9 مليارات دينار (72% من الناتج الإجمالي المحلي)، وهو ما سينعكس سلباً على التصنيف الائتماني للدولة وعلى قدوم وبقاء الاستثمارات وغيرها من المخاطر الاقتصادية والمالية.
وبعد ذلك فهو يعني أيضاً أننا في أزمة أوقعتنا فيها الحكومة عندما تمادت في الاقتراض لأغراض غير معلومة ومن ثم عجز عن السداد وعن تقديم الحلول والوسائل المؤدية إلى سداد أقساط الدين العام وفوائده في مدة زمنية محددة.
ولأن الأزمة طالت وتفاقمت فقد انتقلت من كونها أزمة حكومة إلى أزمة دولة، أزمة تخص الجميع وتؤثر على كافة قطاعات المجتمع والدولة، الأمر الذي يتوجب أن يتصدى الجميع إلى مواجهتها والتعاون بتقديم المبادرات إلى حلها والانتقال من مقاعد المتفرجين أو المنتظرين إلى النهوض والتحرك والتدخل والانطلاق نحو اتخاذ مواقف إيجابية جادة.
على مجلسي النواب والشورى واللجنة المالية والاقتصادية المشتركة فيهما أن يعتبرا أن الأزمة تخص الشعب وبالتالي تهم السلطة التشريعية، وأنه حين تعجز أو تماطل الحكومة في تقديم الحلول لها فيجب على السلطة التشريعية أن تتولى وتتحمل هذه المسؤولية.
على المجلسين أن يتحركا ويقوما بتقديم مبادرة أو أكثر تنطلق من تحليل ودراسة واستشارة بما يجب فعله تجاه القضايا المطروحة وعلى الأخص منها: الدين العام، عجز الميزانية، ضغط المصروفات المتكررة، زيادة وتنويع الإيرادات، حسم مدى لزومية وقانونية زيادة الرسوم، التأكد من أن جميع الإيرادات تدخل الميزانية العامة بما فيها مبالغ الدعم الخليجي والكهرباء والشركات والهيئات الحكومية.
وفي هذا الصدد فقد آن الأوان أن ينفتح المجلسان على القطاع الخاص ممثلاً في غرفة التجارة والصناعة ورجال الأعمال والمال والاقتصاد والاستثمار، وعلى الاقتصاديين أصحاب الاختصاص والخبرة، ويقوم المجلسان باستشارتهم جميعاً واستطلاع رأيهم حول السبل الكفيلة بمواجهة الأزمة، فالقطاع الخاص في كل بلدان العالم هو الذي يتولى إدارة الاقتصاد وليس الحكومة، وهو الذي يستطيع إنقاذ الاقتصاد وتنويع مصادره، وأصحاب الاختصاص من الاقتصاديين بإمكانهم أن يقدموا الخطط التي تدعم تحرك القطاع الخاص لحل هذه القضية العامة، وتعاون وعمل الجهات الثلاث مطلوب بإلحاح في هذا الظرف الحرج.