ما الذي تريد أن تقوله وتفعله الحكومة ممثلة في بعض كبار المسؤولين فيها وفي وزارة المالية والذين دأبوا خلال الشهور الأربعة الأخيرة على الاجتماع بمجلسي النواب والشورى لتقديم مبادرات وبرامج وخطط وحلول لما تعانيه البلاد من غرق متواصل في الديون، وتخبط ووعود وضياع للوقت وللجهد وصولاً إلى بر الاقتراض والمزيد منه..
اجتماعات، ثم اجتماعات، تستبقها وتعقبها تصريحات: الحكومة ستفعل ما في وسعها لعدم اللجوء إلى الاقتراض، الاقتراض مسألة حتمية ولا مفر منه للإيفاء بمتطلبات المواطنين المعيشية، أسعار النفط إذا استقرت عن 60 دولاراً للبرميل فإن الكثير من المشاريع ومنها الاجتماعية ستتوقف، وإننا نقترض لتغطية العجز في الميزانية وفي تمويل هذه المشروعات، ولسداد أقساط وفوائد الدين العام وتمويل برنامج الحكومة، وإننا من أجل أن نبقى على مكاسب المواطنين وحقوقهم فقد حافظنا على حجم المصروفات المتكررة كما هي في الميزانية السابقة رغم انخفاض الإيرادات النفطية والعامة حوالي 46%.
إن الحكومة ستوافي السلطة التشريعية قريباً بتصورات ومبادرات لحل مشكلة العجز في الميزانية، تنويع مصادر الدخل وزيادته، كيفية الحد من الاقتراض وتسديد الدين العام، خطة تقديم الدعم لمستحقيه، إن لدى الحكومة خطة تنمية شاملة تركز على دعم التعليم والصحة وإقامة المزيد من الصناعات ومشروعات البنية التحتية وتوفير المزيد من الوظائف للمواطنين.
وتمضي الأيام وتستمر الاجتماعات وتخرج التصريحات المضادة من أعضاء النواب والشورى لتقول إن الحكومة لم تقدم مبادرات ولا حلولاً للدين العام والعجز والدعم، ولم تفعل شيئاً لتفادي آثار المستوى المتدني والسلبي للتصنيف الائتماني، ولا نسمع إلا تصريحات من الحكومة يجب أن نعمل ونشترك ونقوم بتحرك معاً، وأن الحكومة لن تخطو خطوة إلا بالتشاور مع السلطة التشريعية.
وفي خضم هذا الكلام، والكلام الذي لا نهاية له، تمضي الحكومة ومن جانب واحد في إجراء زيادات، بل ومضاعفة الرسوم على خدمات ومجالات مختلفة، وهي زيادات تمس القطاع الخاص والمواطنين في حياتهم وأعمالهم، زيادات ترهق هؤلاء وأولئك كأفراد وشركات، لكنها لا تفعل شيئاً ذا قيمة بالنسبة لتخفيض العجز في الميزانية وتسديد الدين العام وتعويض الانخفاض في الإيرادات العامة.
ما تفعله الحكومة تخبط، ومحاولات هروب من مواجهة الغرق في الديون الذي بات يهدد البلد، وأوشكنا جميعاً نقول بصوت واحد: تداركوا الأمر حتى لا نغرق.