تفرح لموت أحدهم أو غرقه، ولا تدرك أن الموج عاتٍ، والمد سيجرفك معه ما لم تبنِ وإياه سداً منيعاً في ثوانٍ معدودات يضمن سلامة الجميع.!!
شهدنا أمس الأول يوماً داعشياً آثماً بامتياز، لم يرتدع أمام كل الحرمات، زين رمضان وبيوت الله في «العقلية الجهادية» لمزيد من التحفيز بالحور العين والجنان، ورغم الغضب العام الذي اعترى الشارع الخليجي، والسخط على داعش -ولا يختلف الأمر كثيراً في تونس وفرنسا- إلا أنه من المذهل حقاً أن تجد بعض الشامتين هنا وهناك بما حل بمسجد الإمام الصادق بالكويت وقبله التفجيرات في السعودية، كم هو صادم تخيل زغزغة عصافير متراقصة في قلوب هؤلاء فرحاً بما حل بطائفة معينة.!! مهلاً.. إنهم شركاء في أوطاننا، لهم من حقوق الأمان والاستقرار ما للطوائف وربما الأديان الأخرى سواسية.
دعونا ندرك جيداً أن الحرب الشعواء التي تشنها داعش على العالم، لا تميز بين الطوائف والأديان إلا بما يخدم مصالح صانعيها ومموليها في الخفاء، ولذلك فإنها إن استهدفت الشيعة في الخليج العربي فقد وجهت شرورها للسنة في تونس والمسيح في فرنسا، داعش لا دين لها ولا ملة، مخطئ من يحسبها على الدين الإسلامي، ومستفحل في الخطأ ذلك الذي يصنفها كجماعة سنية «جهادية».
ماذا لو تغيرت مصالح داعش بين ليلة وضحاها؟ ماذا لو فشلت حروبها نحو الشيعة في الخليج لإثارة فتيل الطائفية كما أفشلتها السعودية إلى حد ما، ووأدتها الكويت في لحظتها بتسطير لوحة من التضافر قل مثيلها بين أطياف المجتمع الواحد، ليبرهنوا التحلي الراقي في الكويت بثقافة الاختلاف، وأن الوطن للجميع، وأن المكونات الوطنية كلها على درجة متساوية من الأهمية، وأن العقيدة هي آخر ما يهدم الوطن ويدمره، فبالعقائد السليمة والمعتقدات القوية الراسخة تبنى الأوطان وتعمر.
في الوقت الذي يحتفل فيه اليهود بموت المسلمين ويرتدون زياً داعشياً أو يرمز إليها، يحتفل في الظلام آخرون من القلة القليلة المتطرفة بهذه المجزرة الجماعية، ما يكشف عن اضمحلال الثقافة السياسية والوعي بداعش «نشأتها - مكوناتها - أغراضها - ومصادر تمويلها». وهذا ما يؤكد على ضرورة وقف دعاة الفتنة ومشايخها في كل المذاهب فوراً، ومنع الخطاب الديني المتطرف وتجريمه بتغليط العقوبات، فما جر إلى دولنا ومجتمعاتنا إلا الويلات. علينا أن ندرك جميعاً أن الطائفية ليست المحرك الرئيس لأزمات المنطقة، وأنها لا تعدو على كونها وسيلة استخدمت لأغراض سياسية دنيئة شوهت الدين وجرفت دعاته إلى النطق بالهوى في كثير مما يدعون.
- اختلاج النبض..
يذكر أحدهم بنوايا البعض، وما برهنته صنائعهم وأفعالهم في السنوات القليلة الماضية لاسيما في أزمة البحرين، ولكن وإن تجاوزنا جدلاً موضوع العقيدة ووقفنا عند النوايا الخبيثة التي يفترض صاحبنا أن تكنها طائفة ما للأخرى، فإن ذلك لا يبيح قتل الآمنين؛ الله في علاه، عندما يقبض روح عبد عازم على القيام بمعصية لا يحاسبه عليها لأنها وقفت عند حدود النوايا، ولم يمد الله في عمره ليرتكبها، ولربما كان عازماً لارتكابها -لو مد الله في عمره- وفي اللحظة الأخيرة تراجع واستغفر الله، فلا ذنب عليه. فمن نكون نحن لنحاسب الناس بنواياهم؟َ!
داعش ورم سرطاني مستفحل لا يميز الخير من الشر، مصاب بالعمى فلا يعرف إلا ظلماته السوداء.. بالأمس طائفة، وغداً طائفة أخرى حسبما تقتضي سياستهم وأغراضهم، ولعل الدور القادم على أولئك الفرحين الشامتين.. فعلام تفرحون؟! وبمن تشمتون؟!