قبل سنوات، كنت في مجلس أحد وزراء الإعلام السابقين، فوجدته يتوسط المجلس يحيط به ثلة من المديرين والمسؤولين في مختلف أقسام وزارته، وبعد السلام والمجاملات وجه لي سؤالاً مفاجئاً: «ما رأيك بالتطوير الذي تم في التلفزيون هذي السنة».
ولأنني شخصياً لم أرَ أي نوع من التطوير لا في التلفزيون ولا في الإذاعة ولا في كل مؤسسات الإعلام، أرجعت إليه سؤاله «عن أي تطوير تتحدث بالتحديد؟!»، فأشار إلى مدير التلفزيون -آنذاك- سامحاً له بسرد إنجازات الوزارة في مجال تطوير التلفزيون، والتي لخصها -حسب المدير- في إيجاد كادر جديد، إعادة تنظيم سير العمل داخل التلفزيون، إعادة تنظيم مواعيد الموظفين والبدلات والعمل الإضافي، استقطاب موظفين ذوي كفاءة وخبرة، إنهاء خدمات موظفين، تعديل الرواتب والأجور والمكافآت.
قاطعت المدير مستغرباً؛ يا أخي هذي إنجازات خاصة بكم، وفي مجال التنظيم الداخلي للمؤسسة، ولا يوجد لها أي انعكاس على المشاهد، بالله عليك قل لي ماذا استفاد المشاهد من كل ما تم تطويره؟
المشاهد اليوم أمامه مئات المحطات ويستطيع التنقل بينها بـ«كبسة زر»، حتى دون أن يعرف اسم المحطة ولا عدد الموظفين ولا رواتبهم، المشاهد يهتم بالدرجة الأولى بما يقدم على الشاشة، أما ما وراء ذلك فهو عمل إداري بحت لا يهمه بشيء.
المهم؛ الوزير لم يعجبه ردي وأبدى امتعاضاً من «طول لساني»، وأعاد التأكيد أنكم «الصحافيين» لا يعجبكم شيء، وأنكم دائماً تنتقدون «الإنجازات الوطنية» من منطلق الغيرة.
***
تذكرت هذه الحادثة وأنا أتابع ما يقدم على شاشة تلفزيون البحرين هذا العام، خصوصاً في هذا الشهر الفضيل، والتي أقل ما يقال عنها أنها «فشيلة»، ولن أزيد على ذلك.
فما يقدم على شاشة التلفزيون لا يعدو عن كونه أشياء قديمة، أكل الدهر عليها وشرب، ولم تعد صالحة حتى للبث، وأما أشياء «أبورخوص»، مهمتها تعبئة ساعات بث، ليس إلا..
وكل عام وإعلامنا، في عصر الفضاء المفتوح، بألف خير.