للدعاء من القلب قوة جبارة لا يشعر بهذه القوة من لم يمارسها وتكون جزءاً من حياتيه اليومية، وأغلبنا يعتبرها نوعاً من أنواع الوهم، ولكن من أصدر الدعاء إلى الله ثم الكون دائماً ما تكون قوة من المرود أضعافاً مضاعفة من الطلب في الدعاء.
ولنا في القصص الواقعية التي عاشها أمثالنا من البشر على هذه الأرض دليل يقودنا للتعرف على قوة الدعاء التي تحرك الجبال وتسقط الأمطار من السماء، ولو كان الجو في عيوننا ليس كذلك.
فالدعاء فكرة أو نية تقال برغبة قوية تستطيع أن تحرك الجماد، مهما كانت قوة هذا الجماد ومهما كان بعده، وقد سمعت أحد القصص الواقعية التي حدثت لأحد الأشخاص الذين يعيشون بيننا، يقول صاحب القصة..
تزوجت منذ ما يزيد على سبع سنين، الحمد لله كل ما أنشده -من وجهة نظري- وجدته، فأنا مستقر في عملي، مستقر في زواجي، لا أشكو إلا الملل، فأنا وزوجتي لم نرزق أطفالاً.. وبدأ الملل وكثرت زيارات الأطباء، كل جهد أعتقد أنني بذلته؛ سافرت للداخل والخارج، عندما أسمع عن طبيب قادم متخصص في العقم أحجز لديه موعداً.. التحاليل كثيرة والأدوية أكثر.. ولكن لا فائدة..
أصبح أكثر حديثنا أنا وزوجتي في الطبيب الفلاني وماذا قال.. وما سنتوقع.. التوقعات تستمر لمدة سنة أو سنتين.. فمرحلة العلاج طويلة، ومنهم من أخبرني أن العقم مني والبعض أفادنا أن العقم من زوجتي.
على كل حال سارت أيامنا مراجعة وبحث عن حل، أصبح هاجس الطفل يسيطر على مشاعرنا، وعلى الرغم من أنني أحاول أن لا أشعر زوجتي بذلك ولكن لابد أن تشعر بما يدور، فالأسئلة كثيرة؛ هناك من يسألها ماذا تنتظر؟ وكأن الأمر بيدها، منهم من ينصحها باسم طبيب في المكان الفلاني.. لقد ذهبت له فلانة وأنجبت طفلاً.. وفلانة.. وهكذا أصبح مجتمع زوجتي له نصيب كبير من الأسئلة.. لم يقل لنا أحد لماذا لا نتجه إلى الله وندعوه دعوة صادقة، سبع سنوات مضت ونحن نلهث وراء الأطباء وتركنا الدعاء.. وتركنا التوجه إلى الله.
ذات مساء عبرت طريقاً فإذا بشخص كفيف يريد أن يعبر الطريق فأمسكت بيده وعبرت به الجزء الأول من الطريق، ووقفنا في المنتصف ننتظر خلو الشارع في الجهة الأخرى من السيارات، ووجدها فرصة ليسألني بعد أن دعا لي بالتوفيق والصحة: هل أنت متزوج؟ فأجبته: نعم، فأردف قائلاً: ألك أبناء، فقلت له: لم يقدر الله ذلك.. منذ سبع سنين ونحن ننتظر الفرج.
عبرنا الطريق ولما أردت أن أودعه قال لي: يا بني لقد جرى لي ما جرى لك وأخذت أدعو في كل صلاة (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين)، والحمد لله لي من الولد سبعة، فضغط على يدي وقال: لا تنس الدعاء، ولم أكن أحتاج إلى توصية، فقد وجدت مفقوداً لي، أخبرت زوجتي بما حدث لي، وتجاذبنا الحديث؛ أين نحن من الدعاء، كل شيء بحثنا عنه وجربناه.. وكل طبيب نسمع به طرقنا بابه.. فلماذا لا نطرق باب الله؟ وهو أوسع الأبواب وأقربها..
تذكرت زوجتي أن امرأة مسنة قد قالت لها منذ سنتين.. عليك بالدعاء.. ولكن كما قالت زوجتي كان في ذلك الوقت لدينا مواعيد لا حد لها مع الأطباء، أصبحت مراجعاتنا للأطباء مراجعة عادية بدون تلهف وبدون قلق، مراجعات عادية نبحث عن علاج محدد فقد يكون سبباً من الأسباب، وتوجهنا إلى الله بقلوبنا في الصلوات المكتوبة وفي جوف الليل، تحرينا أوقات الإجابة، ولم يخب الظن ولم نُردَ، بل فتح الله باب الإجابة وحملت زوجتي ووضعت طفلة، تبارك الله أحسن الخالقين، لم نخف الفرح ولا السرور، ولكننا الآن نردد (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماماً).
عليك بالدعاء والدعاء والدعاء، فإنه طاقة تستطيع أن تفعل ما لا تقدر أن تفعله كل قوى الطبيعة، حتى لو كانت مجتمعة، ادع ربك وستأتيك الإجابة في وقتها.