«مازلنا نستمع للتصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر»، هذا رد الرئيس السوري بشار الأسد على تصريح جون كيري وزير الخارجية الأمريكية «بوجوب الحوار مع الأسد»، والذي بثته شبكة «سي بي إس» الأمريكية، هذا كيري الذي يطالب اليوم البحرين بإسقاط التهم عن قائد الميليشيات الإرهابية في البحرين التي نفذت جرائم سقط فيها عشرات الشهداء من رجال الأمن ومئات من الجرحى، كما هدد أيضاً الدول بمزيد من العمليات الإرهابية، وقد اعترف بلسانه في 2012 باستخدامه للقوة بقوله: «ليعلم المشير بأننا لم نستخدم 50% من قوتنا»، ثم يأتي «كيري»، الذي يتنزه بدراجته الهوائية في مدينة سكيونزير الفرنسية.
هذا كيري الذي يطالب بحوار رئيس دولة قتل مئات الملايين من شعبه، هذا كيري الذي تقتل شرطته الأطفال، فها هو شرطي أمريكي يطلق النار على طفل لا يتجاوز عمره 13 عاماً لظنه فقط بأنه يحمل سلاحاً حقيقياً، حيث بررت الشرطة الأمريكية جريمتها في بيانها حول الحادث بإن الشرطي الذي قتل الطفل تصرف بدافع الخوف على أمنه وأمن زملائه، وعلقت إحدى صديقات الأسرة في تصريحها لصحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل»: «لماذا لم تطلق الشرطة النار على ساقه؟ لماذا أردته قتيلاً؟»، أي أن الشرطي ارتكب جريمة قتل عمداً، بررتها دولته بدافع الخوف.
وهذا كيري الذي قال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري في يونيو 2014: «إن أمريكا ليست مسؤولة عما يحدث في العراق، وإن الأمر يرجع للعراقيين في اختيار قيادتهم المستقبلية، وإنه ليس من واجب أمريكا تغيير القادة في العراق»، في الوقت الذي يتدخل في شؤون الحكم في البحرين دفاعاً عن الإرهابيين، ويحدد مستقبل البحرين عندما يطالب الدولة بالحوار والمصالحة معهم، والعفو عن قادة الإرهاب.
أمريكا اليوم تدافع عن عملائها في سوريا والعراق والبحرين، وستواصل دعمهم حتى يوصلهم لسدة الحكم، وأمريكا بالطبع لم تستح يوماً في تاريخها، فهي من تقتل المناضلين في بلدها، فقد قتلت مارتن لوثر المناضل عن حقوق المظلومين في 1968، كما أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار لتصل بعميلها «حسين حبري» إلى الحكم في تشاد، كما قامت في 1985 بتقديم 27 مليون دولار كمساعدات للمتمردين في نيكاراجوا، فكيف تستحي أن تواصل دعمها علنياً عن عملائها في دول الخليج، نعم إنها ستواصل دعمهم ولن يسترح لها بال حتى تصل بهم إلى سدة الحكم، وإن بلغت كلفة هذا الدعم 100 مليار دولار.
ولكن لا علينا من كيري ولا بيري ولا إدانته للأحكام القضائية بحق قادة الإرهاب، بل علينا من نظام الحكم في البحرين، الذي يجب أن يكون له موقف حازم تجاه أمريكا وغيرها من الدول التي أدلت بتأييدها ودعمها للإرهابيين، وإن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة وقرارات فورية تناسب هذا التدخل السافر المهين لسيادة الدولة، سيؤدي إلى تمادي هذه الدول إلى أبعد من الدعم الإعلامي للإرهابيين، حتى يصل إلى الدعم العسكري، وهذا الرد يجب أن يكون من خلال دول مجلس التعاون الخليجي، والتي عليها مطالبة أمريكا بوقف تدخلها بدعم إرهاب الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، وأن تصنف أمريكا هذه المليشيات كتصنيفها لـ«داعش»، فإرهاب ميليشيات إيران في البحرين لا يقل خطراً عن إرهاب «داعش»، وكما أن «داعش» تهدد أمن جميع دول المنطقة، فكذلك إرهاب الميليشيات الإيرانية البحرينية يهدد أمن هذه الدول.
إننا ننتظر من الدولة ومن دول مجلس التعاون الخليجي اليوم رداً على هذا الدعم الأمريكي للانقلابيين في البحرين، وذلك كي يدرك «كيري» بعدها أن البحرين ليس تشاد ولا نيكارجوا، بل دولة ضمن منظومة خليجية قادرة بإذن الله على ردعه، وذلك بعدما أن تحررت هذه الدول من تبعيتها لدولة وزير خارجيتها يتفسح بدراجة هوائية في ربوع فرنسا، بينما يرسل مستشاريه العسكريين لمساعدة الحكومة العراقية في إبادتها أهل السنة في العراق، هذا الرد يجب أن يكون سريعاً، كما يجب أن ترافقه محاكمة جميع قادة الإرهاب في البحرين، وأن «التماهل» في المحاكمة وعدم إنفاذ الحكم سيكون تشجيعاً لكيري، الذي قد يقرر إرسال دفعة أخرى من مستشاريه العسكريين.. ولكن هذه المرة إلى البحرين.