من الخير الذي يسخره الله للإنسان منا هو أن يبلغه شهر رمضان المبارك؛ ففيه الخير والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وقد يدخلنا الله في رحمته.. برحمة منه وليس لأعمالنا التي نقوم بها.
ربما لا نشعر بهذه النعمة لأننا بلغناها، وقد كتب لنا الله أن نعيش أيام رمضان، بينما من غادرنا ربما يتمنى لو أن الله بلغه وعاش يوماً واحداً من رمضان، ولو ليوم.
نبارك لكل المسلمين حلول شهر رمضان المبارك، ونبارك لقيادتنا الكريمة حلول شهر رمضان، جعل الله هذا الشهر شهر خير ورحمة وتوفيق لأهل البحرين وقيادتها، وحفظ الله أمن هذا الوطن وأعادنا على هذا الشهر أعواماً مديدة.
كنت أتحدث بالأمس إلى إحدى الأخوات اللاتي بفضل الله يقمن بزيارة أهل البحرين في المناطق البسيطة، وتقوم بإيصال ما كتبه الله لهم، فتدخل بيوتهم وتجلس معهم وتتحدث معهم ويقدمون لها ما توفر لهم من «قدوع بحريني بسيط».
الأخت وهي من أسرة ميسورة، تقول: «والله إن الحديث مع أهلنا في المناطق البسيطة يشرح الصدر، ويشعرني بمتعة وفرحة كبيرة، تجدهم يفرحون بي حين أزورهم، ولا يتركوني إلا ويقولون تفضلي (قدعي معانا)، رغم بساطة الحال، إلا أن الكرم في القلب والروح المستبشرة الفرحة التي لا تصطنع شيئاً».
تضيف الأخت: «والله إني أجد في قلوبهم فرحة لا تجدها عند غيرهم من الميسورين، وتجدهم يضحكون من القلب، ضحكة عميقة وعفوية، وكنت أقول في نفسي، إن لديهم سعادة في القلب قد أنزلها الله عليهم، رغم ضيق الحال، وضيق ذات اليد».
وتقول الأخت: «إحدى الأسر أصرت أن أجلس معهم في بيتهم وأن (أتقهوى) بالبحريني فقدموا لي التمر والقهوة، وبعض الفواكه، غير أني وجدت طعماً آخر غريباً، حين أكلت فاكهة البرتقال، رغم أنها أمامي في البيت، لكن والله إن طعمها في ذلك البيت عند تلك الأسرة كان مختلفاً ولذيذاً وشيئاً مختلفاً».
ثم قالت الأخت: «والله إني وجدت عند هؤلاء البسطاء حباً للبحرين يفوق الخيال، لديهم انتماء وغيرة غير طبيعية على بلدهم وقيادتهم، لا يرضون إلا بالكلام الطيب عن قيادتهم، وهم لم يأخذواً شيئاً، ولم يطلبوا شيئاً، إلا أن انتماءهم للوطن ولتراب هذا الوطن شيء يفوق الوصف».
ثم تضيف الأخت فتقول: «بالمقابل وجدت أناساً من أهل الخير والميسورين والذين حصلوا على الخير من قادة البلد، وجدتهم يتحدثون بلغة فيها نقمة، وفيها جحود، بينما الذين يعيشون عيشة البسطاء، ولم يأخذوا خيراً، يرفعون أياديهم ويدعون لقادة البلد، سبحان الله، شتان بين الذي أصله طيب، وبين منكر الجميل». (انتهى حديث الأخت).
حديث هذه الأخت جعل سؤالاً مزمناً قديماً يلح علي، وهو: ما هي السعادة؟
من هو السعيد؟
ما تقوم به هذه الأخت (وأمثالها كثر بإذن الله من الشباب والشابات) من عمل (جعله في ميزان حسناتها) هو أحد أهم أسباب السعادة، حين تقوم بإدخال الفرح على قلب إنسان، أو أسرة بأكملها، والله إن في هذا العمل لذة لا يعرفها إلا من يقوم بهذا العمل، أكاد أجزم أن هذا العمل يصبح مثل (الإدمان الحميد) تتمنى في كل مرة أن يتوفر بيدك مال أو طعام لإيصاله إلى المستحقين له.
هناك ربما قلة تقوم بهذا العمل لأغراض وصولية أو تسلقية، أو أغراض حزبية، أو أغراض انتخابية، وكل إنسان ونيته، إلا أن من يقوم بهذا العمل لوجه الله، فإنه والله يجد في قلبه السعادة الحقيقية، والفرح الحقيقي الذي يبقى في القلب ولا يكون عابراً.
كلام الأخت عن إحدى الأسر من أنها وجدتهم رغم بساطة الحال، إلا أن روحهم عالية، وقلبهم كبير، يفرحون بالزائر، ويقدمون له ما توفر لديهم من خير، ويجلسون مع الزائر ولا يريدونه أن يغادر، وحين يضحكون تجد ضحكتهم تخرج من القلب.
سبحان الله، الفرح والسعادة رغم أن لهما ارتباطاً بالرخاء المعيشي، إلا أن السعادة لا تقتصر على ذلك، بل قد تجد إنساناً بسيط الحال، لكنه دائم الفرح والنكتة، ويلاقي الناس بوجه بشوش فرح، ذلك أن الفرح في القلب، وفي الروح والإيمان بالله وما يقسمه لنا من رزق، ومن خير، فالخير بيده سبحانه، لا بيد غيره.
إذا أراد الإنسان منا أن يجد طعم الفرح الحقيقي والسعادة الحقيقية، فجزء منها في القيام بذات عمل الأخت التي ذكرت قصتها، والله إن الله ينزل على الإنسان السعادة والفرح ما أن يقوم بعمل مخلص لوجه الله، ويقوم بإيصال الصدقات، أو ما تيسر من خير إلى الأسر المستحقة، جربوا هذا العمل.. وستجدون طعم الفرح، وشيئاً من الشعور بالسعادة الحقيقية..!
** رعاية المساجد
كل الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه على رعاية المساجد والوقوف على استعداداتها لشهر رمضان المبارك، ولزياراته الميدانية للمساجد برغم انشغالاته إلا أن هذا الرجل يقوم بعمل ميداني لايقوم به بعض الوزراء.
والشكر لسموه على ما تفضل به من توزيع للمعونات التي دأب عليها في كل عام للأسر البحرينية فهذا عمل كبير وجميل وهو جزء من التكافل الاجتماعي الذي تقوم به قيادتنا.