أرضٌ خصبة جمعت الفائدة والمتعة، الأدب والعلوم، السياسية والاقتصاد، الطريق القويم والانحراف، منصة ليست كغيرها من المنصات بين روادها وزائريها الوزير والغفير، الصالح والطالح، العالم والجاهل، الحاكم بأمره والمحكوم، السجين والسجان، الظالم والمظلوم. أرض تشبه خشبة مسرح يلعب عليه الفرد كل الشخصيات ويعرض كل الأحاسيس والوجوه، تلك الخشبة أو الأرض لقبت بعد ظاهرة «الربيع العربي» بالإعلام الجديد. أخبرني صديق لي بأنه أرسل العشرات من الطلبات على مدار عامين لمقابلة أحد أصحاب المعالي ولم يحالفه الحظ، لكن بعد تحميله أيقونة «التويتر»، وجده أمامه وجهاً لوجه، حيث سنحت له الفرص وامتلك الحظ وكأنما حاز مصباح علاء الدين، فتحققت أمنياته وخاطب الجهة المعنية بعد عامين. أخذتني الذاكرة لبرنامج «هذا المساء»، حيث كنت أحد ضيوف حلقاته عن الإعلام الجديد أو ما يعرف بـ«السوشال ميديا»، والذي ناقشنا فيه الدور الذي لعبه الشباب العربي في تفجير كارثة «الربيع العربي» الذي أهلك شعوباً أكثر مما أحياها. مؤخراً بدأت أتثقف واطلع وأقابل المختصين في عالم «السوشال»، حتى وقفت لحظة مذهولة أمام العديد من الحسابات لفئة غريبة من البشر تسمى «المتحولون جنسياً»، مجموعة من الشباب العربي المتحول في لونه وجسده وفكره، ينشر أفكاراً مريبة وثقافة محرمة، والأغرب أن لهم عدداً كبيراً من المتابعين على صفحات تواصلهم الاجتماعي. إلى هنا لم تنتهِ رحلتي في التعرف على هذا العالم الجديد ذي «الإعلام الجديد»، وكأني أركب قطاراً يسير بي من مدينة لأخرى ومن ثقافة لفكر لحضارة مختلفة، بدأت أجهر بعلامة استفهام كبيرة؛ هل هذا ما يسمى بـ«الإعلام الجديد؟!» إنه عالم مليء بالغرائب كعالم السحر والشعوذة؛ فيه يحاور الوزير ويفتي على أرضه الشيخ وتقوم بسببه الثورات ويموت ويحيا به الشباب، وذاك يصبح وآخر يمسي، وآخرون يدفعون المال من أجل زيادة أعداد متابعيهم دون قانون يجمعهم ودون مسار يقوم سلوكياتهم، كل هذه الفوضى أصبحت متنفساً لكل شرائح المجتمع، وأصبح يطلق عليها «الإعلام الجديد»، والذي بات يهدد الإعلام الذي سمي بعد استعمار السوشال ميديا لأجسادنا وعقولنا بـ«الإعلام التقليدي»! كغيري أقف على مفترق طرق؛ بين مؤيد ومعارض، مصدق ومكذب، فاهم وجاهل، فهناك من يزعم أنه العالم الجديد بعد «الربيع العربي»، وآخرون يؤكدون أنه توجه غربي بحت يستهدف الحياة العربية، أما الآخرون فيعلنون أنه «الإعلام الجديد». - كل الطرق تؤدي إلى روما.. تعددت الأسباب والموت واحد، أو بنظرة أكثر إيجابية؛ كل الطرق تؤدي إلى روما، نحن اليوم أمام حراك إعلامي جديد أساسه التقنية الحديثة، فبمجرد تحميل أيقونة برنامج ما على سطح الحاسوب أو هاتفك الذكي، ستتصل وتنخرط بما يسمى بـ«الإعلام الجديد»، واحترافيتك ستعتمد في ما بعد على تقنيتك في استخدام الجهاز وليس على مستواك الإعلامي!