يزداد الحديث عن إيرادات الدولة غير النفطية، والتي شكل رقمها أمراً محبطاً للرأي العام، فالرقم المذكور في الحساب الختامي للميزانية السابقة شكل صدمة؛ بل جعلنا نقول كيف لدولة أن تكون هذه إيراداتها غير النفطية؟
قدرت وزارة المالية إيرادات البحرين غير النفطية بالميزانية الحالية التي تعرض على المجلس النيابي بـ 368 مليون دينار، هذا بعد أن صرح سابقاً وزير المالية أن الإيرادات ارتفعت 31%..!!
أطرح هذه الأرقام ليس لتكرارها؛ لكن من أجل أن ننبه إلى أن هناك أموراً كثيرة لا تستغلها البحرين من أجل تحريك كل عجلة الاقتصاد والتجارة من خلال السياحة، خاصة إذا ما عرفنا أن السائح حين يأتي فإنه يحرك كل «العجلات» ويجعلها تدور، وحين تدور فإن كل شيء مرتبط بها أيضا يتحرك ويدور.
التقرير الذي نشرته «الوطن» أمس وحمل عنوان «غياب البرامج السياحية يكبد الدولة 730 مليون دينار خسائر سنوية» يجعلنا نقول؛ حولنا الذي يفترض أن يحقق أرباحاً إلى خسائر.
مازالت السياحة ليست في قائمة أولويات الدولة، بالرغم من هبوط أسعار النفط، وبالرغم من الرقم المحبط للإيرادات غير النفطية بالميزانية العامة، لا نضع ميزانيات كبيرة من أجل أن نؤسس لصناعة السياحة التي تستقطب الخليجيين، وهذا أمر محبط جداً.
الأخ زايد الزياني، وزير الصناعة، قال: «إن 66% من السياح الذين يأتون للبحرين هم من الخليجيين».
وهذا الرقم يجعلنا نقول لم لا نرفع النسبة أكثر، ولماذا لا نقيم لهم الفعاليات والبنية التحتية للسياحة التي يريدون، فطريقهم للبحرين أسهل وأقل كلفة من طريقهم لدبي أو الدوحة.
هل هناك من وضع هذا السؤال ثم أجاب عليه بشكل علمي واستقصائي؟
ماذا يريد السائح الخليجي أن يرى في البحرين؟ ما هي البنية التحتية التي يحتاجها السائح الخليجي؟
هل مدينة ألعاب ضخمة تشمل التزحلق على الجليد؟
هل يريد منتجعات ومقاهي على البحر؟
هل يريد برامج رحلات بحرية للجزر؟
هل يريد أسواقاً شعبية بحرينية مكيفة وعلى مستوى عالٍ، كما هو في الكويت وقطر والسعودية والإمارات؟
هل يريد سواحل وسباحة وفنادق على البحر ورياضات بحرية؟
أعتقد أنه يحتاج كل ذلك، لأنه ليس لدينا إلا القليل مما ذكرت سابقاً، من هنا فإننا لم نعرف ماذا يريد السائح الخليجي حتى نقدم له ما يتمناه ويريده.
قبل فترة صرح الأخ الشيخ خالد بن حمود، وكيل السياحة، وقال بما معناه إن الوزارة تعد برامج وفعاليات لهذا الصيف، ولا أعرف هل رصدت لهذه الفعاليات ميزانية أم لا، لكن هذا ما صرح به وكيل السياحة، وربما كان ينقص تقرير «الوطن» الاستعانة بالجانب الرسمي وأخذ رأيه.
العشرة ملايين للكريكيت لو أعطيت للسياحة من أجل إقامة مشاريع كبيرة لجاء مردودها على الاقتصاد والميزانية العامة للدولة في نفس العام، لكن لا أحد يريد أن تتحرك هذه العجلة، بينما نتحدث كثيراً عن تنمية الإيرادات وعن السياحة، والواقع مختلف جداً.
الاقتصادي أكبر جعفري قال في استطلاع «الوطن»: «زيادة الفعاليات بإمكانها أن تستقطب مليون سائح أسبوعياً بدل 250 ألف سائح حالياً»..!!
وهذا الكلام صحيح، غير أن النقص ليس في الفعاليات والبرامج ولكن في البنية التحتية للسياحة برمتها.
كما أن هناك عائقاً كبيراً أمام هذا الرقم، وهو في الزحام على جسر الملك فهد، فلم نقم بحل هذا الموضوع مع الإخوة الكرام بالسعودية بشكل صحيح حتى يتم تسهيل حركة العبور، وهذا عائق أيضاً أمام السياحة.
بصريح العبارة ما زالت رؤية الدولة للسياحة ليست هي الرؤية الصحيحة، ونريد زيادة الإيرادات دون أن نخطط لذلك بشكل متكامل، سواء من إيرادات الجمارك أو السياحة أو الصناعة أو الخدمات.
يزور دبي كل أسبوع طوفان من السياح السعوديين، رغم أن غالبيتهم يذهبون بالطائرة، لكنهم وجدوا ما يريدون هناك، رغم أن دبي تعتبر مدينة غالية والأسعار والخدمات بها غالية، إلا أن الناس تذهب إلى هناك لأنهم وجدوا كل احتياجات الأسرة هناك.
طرحت ذات مرة أننا في البحرين لا نضع أجندات لإجازات دول الجوار، بحيث نستقطبهم للبحرين في إجازاتهم بتقديم خدمات متكاملة من تذاكر طيران وفنادق وبرامج عالية المستوى ومتنوعة وشاملة وتطرحها مكاتب السفر في بلدانهم.
الميزانية الآن تحت يد السادة النواب، وبالإمكان أن يقدموا اقتراحات لذلك، وبالإمكان أن يغلقوا أماكن صرف غير صحيحة لتوجيهها نحو إقامة مشاريع تدعم الاقتصاد البحريني ودعم إقامة مشروعات كبيرة، وتشجع السائح على القدوم للبحرين.
هناك أزمة أولويات لدى الدولة والنواب، فنحن لا نعرف كيف نخدم وطننا بمشاريع تجعل كل عجلة الاقتصاد تتحرك، نريد أن تزداد الإيرادات العامة بالتمني، وكل يوم نسأل كم وصل برميل النفط البحريني، هذا لا يخلق مستقبلاً لاقتصاد قوي إطلاقاً، نحن نضيع خطواتنا.
شجعنا مع عميق الأسف سياحة قبيحة حين اعتقدنا أن السياحة في صالات الفنادق وفيما يقدم داخلها، وهذا أسوأ أنواع السياحة، وكان بالإمكان طوال السنوات الماضية أن نقيم مشاريع ترفيهية ضخمة، وهذه المشاريع لن تستقطب السائح الخليجي وحسب؛ بل إن المواطن والمقيم أيضاً سيذهب لقضاء وقت مميز هناك بدل المجمع التجاري الذي يكتظ به الناس كل «ويك اند»!
** تخفيض نفقات الوزراء والنواب
طرح الإخوة النواب باللجنة المالية فكرة تخفيض نفقات سفر الوزراء ومرافقيهم 50% من أجل توفير مبالغ للميزانية العامة، وهذا أمر طيب.
لكن أيضاً يحتاج النواب أن يضربوا لنا مثلاً ويقوموا بذات الخطوة على سفراتهم ويخفضوا النفقات 50%..!
أليس هكذا تستوي الأمور؟
** تصريح أوردغان حول بناء قصر جديد في أنقرة كان مضحكاً بعض الشيء، فقد قال إن سبب بناء قصر جديد كان لوجود الصراصير في القصر القديم..!
هذا التصريح لو قاله مسؤول بحريني لقامت الدنيا، لكن أردوغان كان ظريفاً بعض الشيء؛ يا أخي استخدم مبيدات حشرية وشركات تنظيف، تبني قصر عشان الصراصير..؟!
في كل دولة بلاوي وأخطاء وفساد.. الله المستعان..!