مرة أخرى يجتمع وزراء النفط الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» يوم الجمعة الماضي ويتفقون على الإبقاء على مستوى إنتاج المنظمة عند 30 مليون برميل يومياً، ومن ثم يؤكدون على محافظة دول المنظمة على حصص الإنتاج المقررة لها العام الماضي أي قبل الاجتماع الذي عقدته في شهر نوفمبر 2014.
تمسك «أوبك» بحصص الإنتاج هو الذي أوجد تخمة في السوق وزاد العرض على الطلب وأدى إلى انهيار أسعار النفط في شهر يونيو من عام 2014 من حوالي 115 دولاراً للبرميل إلى 45 دولاراً، وبالتالي خسارة الدول المنتجة من داخل وخارج أوبك إيرادات تساوي نفس النسبة التي انخفضت بها الأسعار، وبلغت خلال السنة (يونيو 2014 – يونيو 2015) مليارات الدولارات، وعلى سبيل المثال فقد أعلن وزير النفط الروسي في الندوة التي أقامتها أوبك، على هامش مؤتمرها في فيينا، أن خسائر بلاده خلال هذه الفترة بلغت 100 مليار دولار من جراء انخفاض الأسعار.
وبناء عليه علينا أن نقيس ونحسب ما خسرته الدول المنتجة للنفط الأخرى، بعضها أعلن وتذمر واشتكى من تفضيل سياسة المحافظة على الحصص على سياسة المحافظة على الأسعار المرتفعة، وبعضها (دول الخليج) راهن على نجاح سياسة المحافظة على الحصص واعتبر أن هذه السياسة أدت بالفعل إلى انخفاض الأسعار لفترة مؤقتة ولن تطول، وأن هذا الانخفاض مطلوب لإخراج منتجي النفط الصخري من السوق وإرغام الولايات المتحدة على العودة لشراء احتياجاتها النفطية من دول أوبك.
دول الحصص هذه تراهن على توقف إنتاج النفط الصخري بعد أن زادت كلفة إنتاجه عن أسعار بيعه في السوق، لكن جريدة فايننشال تايمز ذكرت في تقرير لها يوم الخميس: «توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن إنتاج الولايات المتحدة سوف ينمو بأكثر من نصف مليون برميل هذا العام قبل التوقف في عام 2016، ورغم أنه قد تم إيقاف أو خفض مبالغ الإنفاق البالغة 100 مليار دولار على المشاريع الجديدة، إلا أن الإمدادات مازالت آخذة في الارتفاع».
المراهنة الأخرى لدول الحصص هي في ارتفاع الأسعار في النصف الثاني من العام الحالي إلى ما يزيد على 75 دولاراً للبرميل، وتعتقد هذه الدول أن الزيادة في الطلب على النفط في الربع الثاني من العام وخاصة من الصين دليل على أن الاقتصاد العالمي بدأ ينتعش وأصبح في حاجة إلى المزيد من النفط لتحريك نموه، غير أن هناك آراء أخرى تقول إن زيادة الطلب من الصين وغيرها يعود إلى تدني أسعار النفط والرغبة في زيادة المخزونات النفطية قبل أن تعاود الأسعار ارتفاعها وأنه عندما تمتلئ المخزونات سيتراجع الطلب، ومن ثم تتراجع آمال الدول المحافظة على حصصها في تعويض خسائر الأسعار والمقدرة بمئات المليارات من الدولارات.