وسط كل الآراء التي تطرح على الساحة مؤخراً حول ملفات عدة على خلفية موضوع اللحوم الذي بدا كما الكرة التي تتدحرج، لينشغل الناس (بالبطون) دون بقية الملفات.
وسط كل ذلك طرحت آراء تقول إن شعب البحرين كثير (التحلطم) وأن هناك أشخاصاً يكتبون في التواصل الاجتماعي أو في غيرها من المنابر ويصورون أهل البحرين كلهم وكأنهم محتاجون، بينما صاحب الحساب يعيش حياة رغيدة، لكنه يتحلطم بشكل يشعرك أنه من المستحقين لمعونة الغلاء، وأنه يركب (توك توك) ليس به مكيف هواء..!
أحد الأخوة الكرام طرح في منتدى بالواتسب رأياً يقول: «ترى احنا في البحرين حالنا أحسن من دول ثرية حولنا، وأن دولة خليجية لو ذهبت لمستشفياتها الحكومية ستصدم صدمة كبيرة، ولو شاهدت ملاعب كرة القدم فيها أيضاً ستصدم، ولو شاهدت شوارع العاصمة بها أيضاً لاتقارن بشوارع البحرين». (انتهى كلامه)
بمعنى أننا في البحرين كثيراً ما نجلد الذات، بينما هناك إنجازات وصور جميلة وهناك مستشفيات ومراكز صحية أفضل من دول مجاورة بمراحل، فلماذا لا نقول الحق ودائماً نجلد ذاتنا؟
أتفق مع هذا الطرح إلى حد بعيد جداً، لدينا مقومات وإنجازات طيبة خاصة في المستشفيات والمراكز الصحية، خاصة إذا ما نزعت عنها النوازع الفئوية التي ظهرت بالأزمة الأخيرة، هذا أمر يجب أن نقوله بصراحة، ونحمد الله عليه.
في الكثير من الأحيان خلال زياراتي للمراكز الصحية أشاهد كبار السن يخرجون من المركز وهم يحملون كيساً متوسطاً وبه مجموعة من الأدوية التي صرفت للمواطن بالمجان.
وهذا ربما لا تراه في دولة أخرى، وهذه الأدوية يشتريها حتى كبار السن، أيضاً يجب أن نشيد بهذا الأمر، ونحمد الله عليه، ونقول للحكومة الموقرة شكراً على ذلك، مثلما تتقبل الحكومة الموقرة نقدنا في الكثير من الأحيان دون انزعاج.
ذات مرة كنت بصحبة أخ من دولة خليجية بالمنامة، فقال لي: «يا أخي شوارعكم نظيفة، وسيارات الناس نظيفة، وإضاءة الشوارع بصراحة حلوة».
حين سمعت كلام الأخ فرحت كثيراً، وقلت في نفسي إن الرجل قال لي شيئاً هو أمامي ولكني لا أشعر به، وهي ميزة للبحرين، حتى وإن انتقدنا الزحام بالشوارع والإرهاب، وطريقة تصميم الشوارع، إلا أن الشخص الغريب حين يأتي إلى وطننا يشاهد أشياء في بلدك أنت لا تشاهدها.
أحد الإخوة أيضاً قال: «انتوا في البحرين تحمدون ربكم على الحرية، الصحافة تكتب، والتواصل الاجتماعي عندكم قوي، والناس تقدر تنتقد أي شيء بحرية، وهذا لا يتوفر لجيرانكم، الذي لديهم جيوب منتفخة، لكن لسانهم مربوط».
ثم قال: «جيرانكم لا يستطيعون إرسال رسالة واتسب، ولا يستطيعون أن يقولوا كلمة عن الحكومة أو الوزراء بمجالسهم، ولا يستطيعون أن ينتقدوا قراراً حكومياً».
في الصحافة بشكل عام، دائماً ما نطالب تحقيق الأفضل للمواطن، هذه مسؤولية ألقيت على عاتقنا، بأن نصبح صوتاً للمواطن الذي ربما لا يستطيع أن يوصل صوته للجهات المعنية.
من هنا فإن الصحافة في كل الدنيا هي صحافة نقد، وإذا ما تخلت عن هذا الأمر تصبح صحافة (علاقات عامة)، وهذا النوع من الصحافة لا يحترم أبداً، ولا يؤثر في الناس، ولا يؤثر في السلطتين التنفيذية والتشريعية.
أنا من الناس الذين يحبون أن يقولوا كلمة الحق في الأمور الممتازة التي تتحقق للوطن والمواطن وأن نشيد بها، وأيضاً أقول النقد الذي يجب أن يقال من أجل المصلحة العامة، لا من أجل استهداف أحد، وعلى الجميع تقبل النقد، مادام للمصلحة العامة ومن أجل تصحيح الأخطاء.
الخبر الجيد لا يسيل له لعاب الصحافة، حتى وإن وضع مانشيت على عرض الصفحة الأولى، وقد يكون خبراً مثيراً وسيئاً صغيراً في أسفل صفحة داخلية حديث الناس والجميع يتحدث عنه، الخبر الجيد لا يصبح مثيراً للقارئ وللصحافة.
طرحت صورة واقعية أعلاه، وهي أن هناك أموراً كثيرة تتحقق للناس لكننا لا نشكر الله عليها أولاً، ولا نشكر الحكومة الموقرة عليها.
الآن أطرح صورة مغايرة، هي جزء من النقد الذي يجب تقبله للمصلحة العامة وليس لمصلحة فرد، أو من أجل الإثارة الصحافية.
في موضوع الميزانية العامة، والدين العام الذي يقال إنه بلغ الآن 7 مليار دينار، فإن هناك مفارقة غير مقبولة أبداً، ولا يمكن تقبلها، فما يتم دفعه (كفوائد للقروض) التي اقترضتها البحرين سنوياً يبلغ 390 مليون دينار تقريباً، أقل بقليل من 400 مليون.
المفارقة غير المقبولة هنا هي أن الإيرادات غير النفطية بالميزانية العامة للدولة هي أقل من (فوائد أرباح القروض المترتبة على البحرين) وهذا أمر مؤلم لنا كمواطنين، وأعتقد أن أي شخص يحب البحرين سوف يتألم إلى هذه المفارقة.
الإيرادات غير النفطية أقل من فوائد القروض، فما بالك عن القروض نفسها..!
كذلك صرح مسؤول أن ليست كل الإيرادات للوزارات تذهب إلى ميزانية الدولة، وهذا يفتح أبواباً كثيرة للأسئلة.
نقول إن الأزمة ليست فقط في الاقتراض، وإنما في تنمية إيرادات الدولة وهذا الأمر يحتاج إلى عمل مخلص كبير، حتى ننهض بإيرادات الدولة لتذهب إلى خزينة الدولة.
أحد الإخوة كتب لي يقول تعقيباً على ملاعب الكريكيت إن هذه الملاعب للقاعدة البريطانية التي تنشأ بالبحرين، وهذا من ضمن الاتفاقية، وأنا لا أملك معلومة أكيدة لذلك تعتبر المعلومة غير أكيدة، ولكني أقول قد يكون هذا الطرح صحيحاً، من يدري، كل شيء معتم عليه.
لكن لو كان بيدي لأخذت العشرة ملايين دينار وأعطيتها للسياحة لتنشئ بنية تحتية للسياحة الداخلية والعائلية حتى نستقطب أبناء الخليج للبحرين، فهم يأتون للسينما ومجمعين تجاريين، وهذه ليست سياحة حقيقية تعتمد عليها أي دولة، يجب أن نقيم مشاريع تجعل أهل الخليج يأتون للبحرين، لأنهم يجدون كل ما يريدون لهم ولأطفالهم، ويجدون كل ما كانوا يذهبون من أجله إلى دبي، في البحرين.
في المحصلة فإننا يجب أن نشكر الله أولاً، ثم نشكر الدولة والحكومة الموقرة على كل المشاريع الطيبة التي تحققت هذا واجب علينا كأصحاب رأي، ونقول إن أهل البحرين يستحقون أكثر من ذلك، ونريد الجودة والتميز والإتقان والأمانة أن تكون شعارات للمشاريع التي تقام.
ويجب بالمقابل على الجهات الرسمية أن تتقبل نقد الصحافة مادام من أجل المصلحة العامة، ولا ينطلق من أمراض نفسية أو أحقاد، أو من أجل (شهوة ضرب الدولة) في كل منبر من أجل التشفي وإظهارها أمام العالم أنها دولة من أفريقيا.
نحمد الله أننا نحب وطننا وأهل، وقيادتها ونطرح الذي نجتهد ان يكون في مصلحة البحرين، وكل رأي يؤخذ أو يرد هذا متروك للمتلقي، مادام طرح باحترام.
** الاعتداء على سائق تاكسي.
إذا صحت واقعة الاعتداء على سائق التاكسي البحريني من قبل مجندين أمريكان في الجفير وهم تحت تأثير المسكرات، فإن من فعل ذلك يجب أن يخضع للقانون، ولا يجب أن يهان المواطن في بلده دون أن ينال القانون من الفاعل.
لا يمكن أن يرفع القلم عن أي مجند أجنبي، هو يخضع للقانون على أرض البحرين، لكننا اعتدنا أن يرفع القلم عن البعض، هذا القلم يكون قاسياً أحياناً، وقاسياً جداً على (عيال البلد) ويكون حانياً جداً على الأجنبي أو من يطعن بالظهر، ولا نعلم لماذا..!