قبل أن أدخل إلى المقال؛ لنقرأ أولاً الفاتحة على أرواح شهداء الأعمال الإرهابية الخسيسة والجبانة التي أصابت المملكة العربية السعودية، وتحديداً في مسجدي «القديح» و«العنود»، وأن يمن الله على الجرحى بالشفاء العاجل، وأن يعجل خلاصنا من هذا الكابوس الذي يسمي «داعش» ومن يقف وراءهم.
ومن ثم أقولها بملء الفم؛ السعودية ستعبر المحنة وستنتصر على الإرهاب كما فعلتها من قبل، رغم أنف كل حاقد وحاسد ومتآمر وعميل وخائن، وستظل الراية الوحيدة التي ترفرف ويتفيأ ظلها كل مسلم، سنياً كان أم شيعياً، وكل مستغيث ومستجير ووجل وخائف، وستبقي السعودية عوناً لكل أشقائها العرب، وستعبر هذه المحنة بتكاتف وتماسك أبناء شعبها بمكونيه الرئيسين «سنة وشيعة»، وما الصور التي نشرت وأظهرت رجال دين سنة يقدمون التعازي لنظرائهم الشيعة؛ إلا دليل على تماسك النسيج الوطني واللحمة الوطنية السعودية.
ثم دعنا نبدأ بطرح سؤال على الملأ؛ من المستفيد من التفجيرات الأخيرة التي أصابت السعودية؟
قبل أن تبدأ بالبحث عن الإجابة عود نفسك على التفكير بمنطق «دوافع السلوك» الأثير عند علماء النفس، ونعني به في مقامنا هذا البحث عن المستفيد، فالفاعل عرفناه «داعش»، ولكن عند البحث عن الجاني في أي جريمة يلجأ المحققون إلى محاولة وضع أيديهم على المستفيد من الجريمة، وليس شرطاً أن يكون مرتكب الجريمة هو المستفيد الأول، فقد يكون مجرد أداة بيد المستفيد.
تراجع قليلاً إلى الخلف وحاول أن تتأمل وتعمل التفكير، فـ«العبد لله» دائماً ما يشدد ويقول إن من خلال المنطق والتحليل يمكن للمرء أن يستنتج البرهان والدليل، لذلك أرجو أن تسمح لي بسؤال آخر قد يساعدنا في عملية البحث عن إجابة السؤال الأول؛ لماذا لا تهاجم «داعش» إيران ولو ببعض العمليات النوعية في الخارج إن لم تستطع في الداخل؟
وسؤال منطقي آخر؛ كيف يعقل لتنظيم إرهابي بهذه القوة والإمكانية أن ينفذ عمليات إرهابية دموية في جميع أنحاء العالم بدءاً من نيويورك، لندن، مدريد، موسكو، باريس وصولاً إلى إندونيسيا، تنزانيا، باكستان، مصر، ليبيا، العراق، وأخيراً السعودية ، ولا يستطع تنفيذ عملية واحدة في إيران نفسها، أو حتى ضد مصالحها؟
استنتاج آخر.. توقيت التفجيرات المتلاحقة والمتسارعة بحد ذاته يثير شبهات عديدة حول أهدافها ومن يقف وراءها، فهو متزامن مع حرب التحالف ضد أذناب وعملاء إيران في اليمن، وهو أحد الخيوط التي قد تساعدك للوصول للحقيقة!!
معلومة أخرى قد تساعدك في عملية البحث؛ في 14 سبتمبر 2014 نشرت وكالات أنباء أجنبية تقارير تؤكد انضمام النظام الإيراني إلى جهود روسيا والنظام السوري لعرقلة تشكيل أي تحالف دولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي؟
لاحظ أنني أحدثك عن أشياء حدثت ونشرت حتى لا أتهم بـ«الفبركة»، وإليك معلومة أخرى؛ في 24 أبريل من عام 2014 نشرت صحيفة «التايمز» اللندنية تقريراً يشير إلى تورط مسؤولين سوريين وإيرانيين كبار «اللواء علي مملوك، العقيد حيدر حيدر» في تسهيل انضمام المئات من المقاتلين الشيعة العراقيين المتواجدين في سوريا، في منطقة حلب خاصة، إلى «داعش» بأوراق عراقية مزورة!
للأسف الشديد لن يتوقف كم المعلومات عن علاقة إيران بـ«داعش» عند هاتين المعلومتين فقط، فقد كشفت وثائق مخابراتية غربية أن جهات إيرانية متنفذة في إيران وسوريا تقوم بتسهيل نقل الأسلحة والمقاتلين لتنظيم «داعش» من أجل تمزيق المعارضة السورية وإلهائها بحروب جانبية، وقد تم العثور على وثائق ومستندات إيرانية في حوزة «داعش» في مركز قيادتهم في ريف حلب الغربي، ومنها جوازات سفر إيرانية لمقاتلين أجانب، ومن بينهم من الشيشان وكازخستان، وكذلك على بطاقات تلفونية مشفرة إيرانية!!
وهنا قد يبادرك سؤال تحاول أن تفاجئني به؛ لكن هجوم السعودية في مسجدي «القديح» و«العنود»، المستهدف فيه هم الشيعة؟!
إلى هنا ويجب أن تفهم أن إيران لا يهمها الشيعة العرب وإن فنوا عن بكرة أبيهم، ففي الأحواز المحتلة يمثل الشيعة 85% من سكانها، ورغم ذلك يعانون الويلات من الحكم الشيعي الصفوي الطائفي وتعلق لهم المشانق على أعمدة الإنارة كل يوم، ولو استعرضنا بعضاً من الصور التي يعيشها الأحوازيون في إيران وقارناها بواقع الشيعة في السعودية والبحرين، على سبيل المثال، لرأينا بوناً شاسعاً وبعداً طائفياً كبيراً متوغلاً في سطوته في إيران مقارنة مع واقع الشيعة في السعودية والبحرين بحقائق يثبتها الواقع، ويرويها الشيعة المنصفون أنفسهم.
فهل عرفت الآن من هو المستفيد والفاعل الحقيقي لتفجيرات السعودية؟