في ختام الاجتماع المشترك الذي عقدته اللجنتان المالية والاقتصادية بمجلسي الشورى والنواب وحضره وزير الطاقة أفاد رئيس اللجنة المالية بالشورى «أن اللجنة المشتركة وجدت أن سعر الدعم المقدر لدعم المنتجات النفطية والغاز للمواطنين محتسبة بناء على الأسعار العالمية، بينما هي تتجاوز سعر الكلفة الحقيقي لاستخراج وتكرير ونقل المنتجات، وبالتالي فإن القيمة المحتسبة للدعم افتراضية أو دفترية بحسب الأسعار العالمية، وبذلك تكون هناك أعباء ترفع من قيمة الدعم المقدم للمواطن بينما في الحقيقة أن الدعم غير موجود وهو ما يعتبر خطأ محاسبياً مرفوضاً».
هذا يعني وببساطة أن كل الملايين، بل المليارات من الدنانير التي ظهرت في ميزانيات الدولة المتعاقبة هي أرقام ومبالغ غير حقيقية وهذه المرة لا تأتي وهميتها من تكوينها للفرق بين السعر المحلي والسعر العالمي، ولكن لأن السلع والمواد وغيرها تباع على المستهلك بأقل من سعر الكلفة وبالتالي فإن الدعم الحقيقي الذي يفترض أن يقدم للمستهلك هو الفرق بين سعر الكلفة وسعر السوق المحلي، وهو دعم يذهب من المستهلك إلى الحكومة وليس العكس..
وإذا ما طبقنا هذا المبدأ على المشتقات النفطية والغاز فإن الحكومة ممثلة في وزارة المالية دأبت على مدى السنوات العشر الأخيرة على الأقل على تكرار أن الدعم الذي يقدم يشكل الفرق بين السعر الذي يباع به للمستهلك محلياً والسعر الذي تحتسبه الدول الأخرى على السلع والمواد المماثلة، لكن الوزارة فيما تقدم من تصريحات وميزانيات لم تقل لنا ما هو سعر كلفة المنتج المعني محلياً، وإنما تركز دائماً على ذكر السعر الذي يباع به المنتج محلياً والذي هو في جميع الحالات والأوقات أقل من السعر الذي يباع به المنتج نفسه عالمياً.
أي أن الغاز مثلاً وعندما كان يباع محلياً بأقل من دولار لم تكن الحكومة تخسر في بيعه لا على الشركات ولا على الاستهلاك المنزلي وعندما رفعت سعره إلى 2.5 دولار فإنها أصبحت تربح فيه 150% على الأقل ولا تبيعه بخسارة ممثلة في مبلغ الدعم الذي تقدمه للمستهلك والذي قدر في عام 2014 بحوالي 600 مليون دينار، والأمر نفسه يشمل الديزل والبنزين والإسفلت والكيروسين وغيرها من المشتقات النفطية، كما يشمل الكهرباء والماء.
خلاصة الموضوع أن الحكومة ليست مطالبة فقط بفك الارتباط بين العجز في الميزانية والدعم، ولكنها مطالبة -بعد هذا الاكتشاف- بمحو كل شيء اسمه دعم من الميزانية واعتباره من مخلفات الماضي المحزنة.