نعرف أن الحياة ليست إلا مجموعة من الامتحانات والاختبارات التي يمر بها الإنسان، أي إنسان، من أجل التعلم والارتقاء الروحي، ولكن أغلبية الناس يتصورون انهم معذبون في الارض، وان هناك ثمة لعنة تلاحقهم، فهم لم يفرحوا في طفولتهم وشبابهم، وان هناك الكثير من الناس السيئين الذين يخرجون هنا وهناك ليعرقلون مسيرتهم الحياتية ويعترضون نجاحهم، ولذلك فلا وجود للطيبين في كل ما يحيطهم، فهناك امرأة طلقها زوجها فتصورت كل الرجال مثل زوجها؛ لا أمان له، وهناك رجل كرهته زوجته لذلك كل النساء خائنات، وهكذا كما يقول مثلنا الشعبي «كل من يرى الناس بعين طبعه»، لذلك حتى أنك حين تحاول أن تقول لهم إن أصابعكم ليست سواء يتصور كل واحد منا أن الآخرين لا يعرفون حجم المعاناة التي يعانيها ويكابدها.
يقول اوشو في مقدمة كتاب «التحول التانتري.. عندما يجتمع الحب والتأمل»، وهو عبارة عن مجموعة أحاديث عن الأغنية الملكية «ساراها»،
لقد سمعت قصة جميلة جداً، أنها قصة قديمة للغاية..
في أحد الأيام لم تسقط الأمطار منذ فترة طويلة، وقد جف كل شيء تماماً، قرر المواطنون أن يحضروا صانع الأمطار، فأرسلوا وفداً منهم من أجل رؤيته، حيث كان يسكن في مدينة بعيدة جداً، مع طلب ملح بالحضور بأقصى سرعة ممكنة كي يصنع الأمطار من أجل حقولهم العطشى.
وعدهم صانع الأمطار، وهو شيخ كبير وحكيم، بفعل ما يطلبوه ولكن بشرط؛ أن يوفروا له كوخاً صغيراً منعزلاً في منطقة مفتوحة حتى يتمكن أن يسترجع نفسه بعد مدة ثلاثة أيام، ولم يطلب إحضار أي طعام أو شراب له، ثم سيرى ماذا يمكنه أن يفعل، وقد تمت تلبية طلبه.
في مساء اليوم الثالث سقطت الأمطار بغزارة، فقام جمع كبير منهم من الشاكرين والممتنين بالحج إلى منزل صانع الأمطار هاتفين «أخبرنا كيف فعلت ذلك».
أجاب صانع الأمطار «لقد كان شيئاً في غاية البساطة، فخلال هذه الأيام الثلاثة كل ما فعلته كان ضبط نفسي، لأنني أعلم أنه عندما أكون منضبطاً سيكون الكون منضبطاً بدوره، وسيفسح الجفاف المجال أمام المطر».
ويضيف أوشو؛ وتقول «التانترا» عندما تكون منضبطاً يصبح الكون كله منضبطاً من أجلك، عندما تكون متناغماً يكون الوجود كله متناغماً من أجلك، عندما تكون مضطرباً فوضوياً يصبح الكون كله كذلك، هذا الانضباط يجب ألا يكون زائفاً، ولا يجب فرضه بالإجبار، فعندما تجبر نفسك على فرض الانضباط تصبح منقسماً ومنفصماً وتستمر الفوضى داخلك.
من هنا أقول لنفسي أولا، وللآخرين؛ إنك إن أردت من الحياة شيئاً ما، أي شيء؛ المال، السعادة، المحبة، المركز الشهرة، ما عليك إلا أن تضبط موجتك الداخلية وتتركها تشير إلى ما تريد، تفعلّها بالرغبة الصادقة الحارقة والمشاعر الإنسانية الفطرية وترويها بالمحبة والخير لك ولكل العالم، وتنظر إليها بعين قلبك قبل دخولك في أسفار النوم، وستراها تتحقق في ما يشبه السحر، فالكون ونعم الكون، ما خلقها الله سبحانه وتعالى إلا من أجلك أنت.
نعم؛ فأنت أجمل المخلوقات التي خلقها، اضبط موجتك الليلة، قبل النوم اضبطها وكن على يقين أنك ستصل إلى ما تحلم.