خبر صادم للغاية قرأناه نهاية الأسبوع الماضي يتحدث عن سيطرة تنظيم «داعش» نصف الأراضي السورية. وبالتالي فإن دمشق الأسد تسيطر اليوم على ما تبقى من سوريا فقط.
هذا الخبر يدفعنا للتفكير جدياً في أطروحات فيلسوف الجماعات «الجهادية» أبومصعب السوري؛ الذي نظر لأنشطة هذه الجماعات خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث طرح نظريته الشهيرة المتعلقة بالمراحل الثلاث للمواجهة التاريخية المرتقبة بين الإسلام والغرب، وتبدأ من استهداف الولايات المتحدة على أراضيها «وهو ما تم في سبتمبر 2001»، ثم استدراج الولايات المتحدة إلى بلاد المسلمين «وهو ما تم في غزو أفغانستان والعراق لاحقاً خلال ربيع 2003»، والمرحلة الثالثة هي مرحلة الاشتباك مع واشنطن بشكل مباشر «يتم حالياً من خلال المواجهات في ثلاث أراض تشمل أفغانستان، والعراق، وسوريا».
جميع المراحل التي تحدث عنها فيلسوف الجماعات «الجهادية» انتهت، وعندما يتحدث في أطروحاته عن تحقيق الطموحات، فإنه ينتقل إلى أن الهدف من «الجهاد» سيكون بعد المرحلة الثالثة، وتشمل المواجهة التاريخية، وتحرير بيت المقدس.. إلخ.
المرحلة الثالثة طبقاً لهذه الأطروحات نشهدها حالياً، تواجه فيها القوات الأمريكية الجماعات المتطرفة -وإن كانت بمشاركة دول عربية وإسلاميةـ فهل ستواصل واشنطن حالة «الاشتباك» مع الجماعات المتطرفة في الشام؟ وهل السبب في حربها بالوكالة إلى حد ما هو رغبتها في تقليل الخسائر؟ أو الانتظار لمواجهة كبرى مرتقبة؟ وهل عدم التدخل الأمريكي المباشر لإسقاط نظام الأسد ووقف مجازره خلال الفترة الماضية سببه إتاحة المجال لأكبر قدر ممكن من السيطرة والنفوذ لهذه الجماعات الثيوقراطية الراديكالية؟
أسئلة وأسئلة أخرى مثيرة للجدل حان الوقت لإثارتها والبحث عن إجابات لها، بدلاً من الاستغراق في التنظير.
من الواضح أن الولايات المتحدة غير جادة في مواجهة تنظيم «داعش»، فهي لم تتعامل معه على مستوى تعاملها مع تنظيم «القاعدة»، ولم تتعامل معه على مستوى تعاملها مع أي جماعة إرهابية أخرى. ويبدو أن الرؤية التي تبنتها تجاه «داعش» لم تحقق أياً من أهدافها، بل المكاسب التي حققها التنظيم أكثر من تلك التي حققتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
التوقعات قبل نحو 10 أيام كانت تتحدث إلى أن قمة كامب ديفيد قد طرحت رؤية مختلفة لمواجهة هذا التنظيم، ولكن إرهاب «داعش» وصل لشبه الجزيرة العربية، وحان الوقت للتعامل بطريقة مختلفة أمريكياً، وحتى خليجياً قبل أن تتعاظم الخسائر، وتتعدد الجبهات. والمؤشرات لا تشير إلى أن الفترة المقبلة ستكون حبلى بالاستقرار بقدر ما ستأتي بمزيد من الفوضى التي حاولنا إبعادها عن إقليم الخليج العربي، ولكنها تأبى إلا أن تطالنا بنارها.