تصريحات مرشد إيران الأعلى علي خامنئي الأخيرة ضد البحرين؛ أقل ما يمكن أن توصف به بأنها خروج عن اللباقة والعمل السياسي المحترف، وقيام طهران باستدعاء القائم بالأعمال البحريني وتقديم احتجاج على تصريحات وزير الخارجية الأخيرة، والتي جاءت كرد فعل على استدعاء المنامة للقائم بالأعمال الإيراني وتقديم احتجاج شديد اللهجة «لأول مرة» ضد تصريحات خامنئي، دليل على أن نظام الملالي نزِق.
ولا أدري كيف لنظام يحلق في أعلى سماوات الديكتاتورية والاستبداد، وصاحب نظرية جديدة في أساليب التعذيب ضد شعبه، تفوقت في البشاعة على نظرية بني صهيون الإجرامية ضد الفلسطينيين، يأتي ليتكلم عن «مظلومية» قطعان من الإرهابيين والمجرمين في البحرين متحللين من كل قيود الفطرة الإنسانية، لدرجة أن التخريب والتدمير والتفجير وإزهاق الأرواح صار عندهم نوعاً من الإدمان.
صحيح؛ الحماقة ستظل دائماً تعي من يداويها..
هذا ما يجعلني أسأل؛ ما هو مستقبل النظام الإيراني في المنطقة؟ وكيف لنظام بهذه العقلية والسوء يعادي كل جيرانه ويتسم بالعديد من العيوب، من أهمها الإحساس بالعظمة والتميز والغرور وتمجيد الذات والاستعلاء العرقي والحضاري، والخبث والدهاء، والاعتزاز بالقومية الفارسية الشديد، والازدواجية التي تجعل العرق الفارسي الأنقى والمقدم على بقية الأعراق، وهي نظرية مقتبسة من نظرية العرق الآري، وشبيهة إلى حد بعيد بالنازية في ألمانيا خلال فترة أدولف هتلر، كيف يمكن لنظام يحمل كل هذه الصفات أن يؤتمن جانبه؟
لا أفهم المنطق الذي يجعل طهران تسعى إلى خلق العداء مع كل العرب؟ ولا كل هذه الغطرسة والعجرفة التي تستند إلى ولاية مزورة، والتمادي في تهديد الأمن القومي الخليجي والعربي، والاندفاع في استباحة كرامة المواطن العربي من بداية الأحواز المحتلة إلى العراق ومروراً بسوريا واليمن.
لماذا لا تلتفت دولة الملالي إلى مشكلاتها الداخلية، وهي أرتال من الاضطرابات والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والدينية في ظل تدني مستوى حقوق الإنسان، وقمع للحريات، وعملية تفرقة مذهبية وعرقية وعنصرية فارسية تمارس بأقبح وجه، وظلم فادح لا يخلو من خسة وجبن أيضاً ضد أهل السنة والعرب والأتراك والأكراد والتركمان، هذا إلى جانب ما يعيشه الشعب الإيراني من ارتفاع نسب البطالة واتساع رقعة الفقر، والتي وصلت وحسب إحصائيات رسمية إلى 15 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر من أصل سبعين مليوناً هم سكان إيران.
في المقابل تدعم طهران أحزاباً وميليشيات إرهابية ومتطرفة لإثارة النعرات والفتن والاضطرابات الطائفية وزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة، كما حدث مع البحرين والسعودية، لكن المنامة والرياض تسيران بهدوء أعصاب القافلة التي تسير متجاهلة كل النباح من حولها.
هذا هو ملخص نظرية خامنئي التي تدعي دعم من وصفهم بالشعوب المظلومة، فيما شعبه يعيش مأساة بين فقر وتهميش وبؤس وانعدام أبسط حقوق الإنسان، وكل هذا بسبب ولي الفقيه، فأي نظام هذا الذي يحكم «نيابة عن الله» ويرضى بهذا الظلم؟
لست أطرح هذه الأسئلة الآن لأنها ستلاقى إجابات؛ بل كي أطلب من «غربان الخليج» التي تنعق على القنوات وعبر الصحف دفاعاً عن إيران إلى عمل مقارنة بين وضعهم كمواطنين مقارنة بوضع المواطن الإيراني هناك.
تأملوا الاضطرابات الإثنية التي تتصاعد الآن في إيران وما يحدث حالياً في الأحواز المحتلة وإقليم سيستان بلوشستان الذي تقطنه أغلبية سنية في إيران وفي مدينة مهاباد في كردستان، وكيف يتم التعامل مع المحتجين والمتظاهرين من قبل مجرمي «الباسيج» المنفلتين من كل قيود الفطرة الإنسانية.
مؤخراً أعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة، أن 753 شخصاً على الأقل «من بينهم 25 امرأة و13 قاصراً» أعدموا في إيران في 2014، وهو أعلى رقم منذ 12 عاماً، وأضاف المقرر أن «إيران لاتزال في المرتبة الأولى من حيث عدد عمليات الإعدام مقارنة بعدد السكان».
كل هذا فيما خامنئي يعلن دعمه لمن وصفهم بالشعوب المظلومة، يا أخي انصر شعبك أولاً ومن ثم حاضر في الآخرين.