من البديهيات المعروفة للجميع سواء أكانوا دولاً أم شركات أو أفراداً أنه عندما تنخفض الإيرادات تقوم هذه الجهات بخفض المصروفات إلى مستوى قريب من تراجع الإيرادات، ومن ثم العمل على إيجاد أخرى، والهدف في كل الأحوال هو تقليل العجز في الميزانية العامة أو الفردية إلى أدنى حد ممكن، أو تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات.
إلا نحن في البحرين، فهناك مبدأ سارت عليه الدولة منذ سنوات طويلة هو أن المصروفات المتكررة تزيد في كل دورة ميزانية بغض النظر عن ارتفاع الإيرادات أو انخفاضها حتى أصبح مبدأ زيادة المصروفات المتكررة راسخاً ولا يمكن التراجع عنه، بل إن هذا المبدأ جعل الدولة تهتم بتضخيم المصروفات أكثر من اهتمامها بخفضها، وهذا ما حدث بالنسبة للميزانية الجديدة 2015 - 2016.
ففي حين بلغ إجمالي الإيرادات في ميزانية 2013 - 2014 مبلغ 5 مليارات و 578 مليوناً و 197 ألف دينار، وإجمالي المصروفات 6 مليارات و993 مليوناً و131 ألف دينار، فقد بلغ إجمالي الإيرادات في ميزانية 2015 – 2016 مبلغ 4 مليارات و254 مليوناً و863 ألف دينار وبلغ إجمالي المصروفات مبلغ 7 مليارات و291 مليوناً و960 ألف دينار، منها مبلغ 6 مليارات و271 مليوناً و960 ألف دينار للمصروفات المتكررة، وهو مبلغ كبير كان يجب أن يتم خفضه عن مستواه في الميزانية السابقة وليس زيادته إلى القدر الذي جعله يستولي على الميزانية تقريباً.
فإذا كانت إيرادات الدولة تأتي من سلعة واحدة زائلة ويتم التحكم فيها وفي تقلباتها من الخارج، وإذا كانت المصروفات المتكررة كما هو معروف غير منتجة وهي الأخرى زائلة بزوال استخدامها، فبالتالي لا يمكن للدولة لا خلال العامين 2015 – 2016 ولا بعدهما بأعوام أن تغطي عجز الميزانية الحالية ولا العجوزات المتراكمة منذ عام 2009 حتى 2014 والبالغة 2.4 مليار دينار من هذه الإيرادات النفطية.
فالاستمرار في تضخيم المصروفات العامة وبالتحديد المصروفات المتكررة وكذلك مصروفات المشاريع التي بلغت في الميزانية الجديدة ملياراً و 400 مليون دينار في حين ما يستهلك منها في كل ميزانية لا يصل إلى 450 مليون دينار.
هذا التضخيم لا يمكن أن يفهم منه إلا أنه يهدف أو يؤدي إلى تضخيم العجز في الميزانية - وهذا ما حدث - ومن ثم يؤدي إلى تضخيم الدَّين العام، فهل هذا مقصود؟.