مما لا شك فيه أن تدخلات الحكومة في شؤون هيئة التأمين الاجتماعي منذ تأسيس الهيئتين في العام 1976 وعلى مدار السنوات اللاحقة لاندماجهما هو المسؤول عما آلت إليه أوضاعها الحالية من خسائر وضياع أموال في الاستثمارات إلى حدوث إفلاس إكتواري.
والأمس أوردت جذور وحاضر هذا التدخل فيما يتعلق بالاستثمارات وهيمنة الحكومة على مجلس إدارة الهيئة، وتدخلها في الوقوف إلى جانب التقاعد المبكر وتقديم الدعم المادي المغري والتسهيلات القانونية لمن يريد أن يتقاعد مبكراً من موظفي الحكومة ضاربة بعرض الحائط الخسائر الباهظة التي تتكبدها الهيئة من جراء ذلك والتي أدت إلى عجز الهيئة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن عليهم وغداً سينعكس ذلك على المتقاعدين أنفسهم.
وبالإضافة لتلك التدخلات فقد تدخلت الحكومة مبكراً في إضعاف دخل الهيئتين عندما أصدرت توجيهات لمجلسي إدارة الهيئتين في أوائل الثمانينات بتخفيض الاشتراكات من (21%) إلى (15%) وهي التوجيهات التي جاءت مخالفة لرؤية الخبير الإكتواري والتي أكدت مجدداً على عدم قدرة مجلسي الإدارة أو الإدارة التنفيذية على الوقوف ضد قرار غير مدروس كانت له آثار ضارة جداً على مدخرات الهيئة وعوائدها من الاشتراكات.
وقد علقت لجنة التحقيق البرلمانية عام 2003 على ذلك قائلة: «إن هذا يؤكد الخلل الهيكلي المزمن في مجلسي الإدارة والذي هو لصالح الحكومة قد أضر فعلاً بالوضع المالي للهيئتين، وتعتبره اللجنة تغليباً لواقع سياسي على حساب أوضاع المشتركين ومستقبل مدخراتهم وفرضاً قسرياً لإدارة بالرغم من اعتراضات الخبير الإكتواري ودراساته التي قدمت للحكومة دون أن تعيرها أي اهتمام».
وبالإضافة إلى عدم تمثيل المتقاعدين في مجلس الإدارة ليكونوا على دراية بكيفية التصرف بأموالهم ومدخراتهم، واختلال التمثيل بين العمال المعنيين مباشرة بأموال الاشتراكات، فقد عمدت الحكومة في عام 2011 إلى تعيين مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي من ستة أشخاص يمثلون الحكومة برئاسة وكيل وزارة المالية ليس بينهم ممثلون للعمال ولا حتى أصحاب الأعمال وكأن الهيئة هي حكومية صرفة.
وفي العام 2013 قامت بتعيين مجلس إدارة جديد للهيئة من 15 شخصاً برئاسة وكيل وزارة المالية شمل هذا التعيين بالأسماء (6) يمثلون الحكومة و (3) يمثلون العاملين في الحكومة و(3) يمثلون أصحاب العمل في القطاع الأهلي، و (3) يمثلون العاملين في القطاع الأهلي لم يتم تسميتهم ولا تعينهم حتى اليوم، وبالتالي بقي أكثر من 100 ألف عامل بحريني في القطاع الخاص غير ممثلين في مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي منذ 2008 حتى الآن وهو تغييب متعمد حتى لا يطلع العمال على ما يدور في كواليس الهيئة ومجلس الإدارة من استغلال للاستثمارات وإهدار لأموال ومستحقات المشتركين والمتقاعدين، وهيمنة حكومية على الهيئة وكل ذلك يحدث في مخالفة لأحكام القانون رقم (3) لعام 2008 بشأن إنشاء الهيئة.