ماذا ستفعل إذا حصلت على مليون دينار؟! سؤال تكرر طرحه في عدد من البرامج التلفزيونية قبل أكثر من عقد من الزمن، وكانت أغلب الإجابات كالصاعقة؛ رجل مسن قرر تطليق زوجته للتزوج بأربع فتيات دون سن العشرين، فيما أبقى آخر على زوجته وأضاف أن يتزوج بثلاث أخريات ويشتري 3 جوار ويستقدم عدداً من العمال لخدمته، ولكن الثالث أعلن أقصى درجات تمرده بقوله «لو حصلت مليون أتزوج وأطلق.. وأرجع أتزوج وأطلق»، فيما اختصرها آخر بأن يسافر إلى بلدة اشتهرت بالمجون.
قبل أيام قلائل استحضرت الإجابات السابقة، وراودني سؤال مفاده؛ إن كان «إبليس» الفرد العادي دعاه لما سبق، فور حدوث المعجزة وحصوله على سيولة عالية، فما عساها تكون شرور الدعاوى الإبليسية للدولة/للثورة في إيران بعد رفع العقوبات الاقتصادية؟ إلى أي مدى سينشط مشروع تصدير الثورة إلى الخليج العربي في ظل عودة السيولة إلى الأنوف الإيرانية التي اعتادت دس نفسها في ما لا يعنيها؟
سؤال كهذا يفرض علينا التفكر ملياً في القمة الأمريكية-الخليجية المرتقبة في واشنطن. إن انقلاب المواقف الإيرانية على عقبيها في بعض بنود المفاوضات وتلكؤها في البعض الآخر، وضغط الكونغرس الأمريكي تجاه الاتفاق النووي، عاملان ربما لم يكونا كافيين لردع راعي البقر الأمريكي عن قراره الأرعن بشأن الاستمرار في ذلك الاتفاق، ما يثير كثيراً من الشكوك والتساؤل حول المصلحة التي يعتقد بتحقيقها من ذلك الإصرار والتحدي؟ بيد أن المهم لدينا إذا ما كانت مواقف قادة الخليج العربي في هذه القمة تضيف إلى أدوات الضغط السابقة، مبرراً جديداً لضمان تعطيل الاتفاق النووي ومن ثم العدول عنه.
إن التعويل على هذه القمة يجب أن يكون على قدر العمل من أجلها وبما يتساوى مع الشخصية الجديدة التي سيقدم بها الخليج العربي نفسه أمام العالم أجمع، باعتقادي فإن تلك القمة يجب أن تخرج من الخطاب أحادي الاتجاه والتطلع لبصيص تطمينات أوبامية حرقت في مطبخها قبل تقديمها على الطاولة. حسبما أرى فقد أصبح لزاماً على دول الخليج اليوم الخروج من دور المتلقي؛ فبقدر ما قد تكون عليه رسالة أوباما من أهمية، أرى أن أهمية كبرى لرسالة خليجية صارمة وحازمة تليق بشخصية الحزم الجديدة، تضع حداً لتلك العربدة السياسية التي يمارسها أوباما -بفتل عضلاته- على المكشوف.
الخليج يملك أدوات قوة يمكنه الضغط بها على راعي البقر الأمريكي، لعل في مقدمها حربه على الإرهاب، وقواعده العسكرية على الأراضي الخليجية. إن جل ما هو متوقع من قادة دول مجلس التعاون اليوم العمل على إيصال الرسالة بشكل أو بآخر، وتشكيل كافة أساليب الضغط لتحقيقها، رسالة مفادها «إننا قلقون مما تقوم به حيال المشروع النووي الإيراني، نريد تطمينات أكثر، ومزيداً من الإقناع على أن ذلك الاتفاق لن يتسبب في الإضرار بالخليج العربي ومصالحه، وأنه سيسهم بطريقة ما في وضع حد للتدخلات الإيرانية في المنطقة عموماً».
- اختلاج النبض..
من «الحزم العملية» إلى «شخصية الحزم».. «هذا الميدان يا حميدان».