مرت في هذا الأسبوع ذكرى مناسبتين جميلتين على العائلة الصحافية في مملكة البحرين، وهما يوم الصحافة العالمي الذي يحتفى به سنوياً في 3 مايو، ويوم الصحافة البحرينية 7 مايو والذي اعتمده جلالة الملك تكريماً للجسد الصحافي في مملكة البحرين وتعزيزاً لدور السلطة الرابعة في الدولة.
تفخر كل الأقلام الصحافية التي بدأت مشوارها الصحافي مع انطلاقة المشروع الإصلاحي الرائد لجلالة الملك بالقول أنها من جيل الملك حمد الصحافي، وهو وسام شرف كبير سيستشعر به كل صحافي مستقبلاً وهو يسرد على الأجيال القادمة كيف بدأ أولى خطوات الكتابة مع خطوات الملك وإطلاق المشروع الإصلاحي وعايش أجمل اللحظات التاريخية وخاض تجربة تغطية أول انتخابات بلدية ونيابية تجري في مملكة البحرين؛ بل وحتى انتخابات طلابية في جامعة البحرين، فهذا تاريخ مشرف قلده جلالة الملك لقلمه وهو يشهد هذه النقلة النوعية التي لاتزال كثير من دول المنطقة لا تعرفها حتى.
فجلالته أوجد قنديلاً من نور وضعه في يد كل صحافي ليسير به مستنيراً بديمقراطيته وأجواء حرية الرأي والتعبير التي أهداها لهم، وكما أهدى جلالته هذه الأمانة الإعلامية للعائلة الصحافية في مملكة البحرين، ينبغي على جميع أفراد هذه العائلة تقدير المسؤولية الوطنية التي حملها أياهم.
رغم أن الصحافة معروف عنها أنها مهنة المتاعب؛ لكن جلالة الملك حولها إلى مهنة المكاسب، ونقصد بذلك المكاسب الوطنية التي تحصدها مملكة البحرين من جراء هذا المشروع الديمقراطي الذي وجه الأنظار إلينا، فهي مكاسب كبيرة جداً قد لا يشعر بها المواطن بقدر ما يشعر بها الصحافيون والإعلاميون في الدول الأخرى وهم يتابعونها، فالصحافي في دول كثيرة يتعرض للسجن والقتل والتهديد والاعتداء والسرقة، بينما صحافي البحرين ينعم بنعمة الأمان الصحافي وضمانات الحرية الذي أوجدها له جلالة الملك بحيث مانع سجن أي صحافي، فحتى الجرأة التي تظهر بها الكثير من الأقلام الوطنية المخلصة مستمدة من ملك جريء حول الأحلام الإعلامية إلى واقع وفق مشروعه الرائد.
في مملكة البحرين هناك نوعان من الصحافة يتبينان عند المتابع للصحافة؛ هناك صحافة وطنية حمراء تأتي من اللون الأحمر الذي يفسره علماء النفس والطاقة أنه لون الحب والانتماء، وهو لون يثير لدى من يراه مشاعر الولاء والحب والطاقة الإيجابية والشجاعة والنبل، وهناك صحافة طائفية صفراء تأتي من نفس المعنى الذي يورده اللون الأصفر كونه لون الغش والغيرة والخديعة والمرض والابتسامة المتكلفة الباهتة المنافقة الكاذبة. والصحافة الوطنية الحمراء في مملكة البحرين نلحظها تتميز بدورها الكبير في إشاعة مفاهيم هذا اللون من تعزيز الولاء والانتماء للوطن والقيادة وحبهم والترويج لمفاهيم التعايش والصدق والإخلاص، بينما الصحافة الصفراء لدينا نلحظها تتجه دائماً نحو ممارسة التمييز والعنصرية ونشر أمراض الطائفية والحقد والغيرة ضد المكونات الأخرى في المجتمع، بل والنفاق والتقية التي تشبه الابتسامة الصفراء المتداولة كمصطلح لغوي.
إن الصحافة الصفراء في مملكة البحرين والتي تمارس دائماً مهمة النبش في ملفات التفرقة والفتن والتي جاءت كمثال يؤكد مصطلح الصحافة الصفراء عالمياً والذي يعني صحافة الإثارة والجرائم والفضائح والانحياز والمبالغة، وهي صحافة تعد رخيصة المضمون والسعر، حتى لكونها تطبع على أوراق صفراء رخيصة الثمن، فصحافتنا الصفراء تجاوزت هذا المفهوم وابتكرت مفهوماً جديداً في عالم المصطلحات الصحافية حينما نجدها باتت صحافة سوداء كلون أكياس القمامة، والتي إن لم يتم جمعها والتخلص منها قد تنشر الأوبئة والأمراض وقد تخرج كائنات حية وفيروسات تمرض الناس، فهدف التخلص منها تقليص تأثيرها السلبي على البيئة والمجتمع.
الصحافة السوداء في مملكة البحرين لم تظهر قبل أربع سنوات فحسب -عندما برزت كثيراً ونشطت خلال تلك الفترة-؛ إنما ظهرت قبل ذلك بكثير، ونحن نراها تمارس التمييز الصحافي، فلا تنشر ولا تركز إلا على الطائفة التي تدعمها وقضاياها، بل إنها تخصص صفحات خاصة عن المناسبات الدينية الخاصة وتروج دائماً لمفاهيم لم يعرفها المجتمع البحريني في مراحل زمنية سابقة كان ينعم فيها بالتعايش الطائفي في أسمى صوره، كمفهوم المظلومية والعبودية ونشر أخبار ملفقة حول هدم المنازل والمساجد والاعتقالات والتعذيب والظلم وما شابه من مصطلحات، ووصلت بها الوقاحة التركيز على مسؤولين إيرانيين، بل إنها تمارس التزوير التاريخي بطريقة غير مباشرة في قلب حقيقة هوية هذا الشعب وتحاول دس السم في عسل الأخبار والتقارير والتحقيقات المغرضة التي تنشرها، والدليل أنها لم تتجرأ يوماً بنشر مدى التجاوزات الإدارية والقانونية في الجمعية الانقلابية التي تلمع دائماً أعضاءها والديكتاتورية الممارسة فيها بعدم تدوير منصب الأمين العام وتغييره منذ سنوات طوال، لم نرها تنشط في طرح ملفات عن قضايا حقوق الطفل الذي يستغل في العمليات الإرهابية، لم تنتقد نشر صور رجال الأمن ومعلوماتهم الشخصية في الفضائيات الإيرانية العوراء والمواقع الإلكترونية خلال الأزمة الأمنية والقائمة السوداء للتصفية التي نشرت، حتى على المستوى الإقليمي لم نرها تنتقد المجازر الطائفية في سوريا والعراق والأحواز وإيران.
الصحافة الوطنية الحمراء في مملكة البحرين قد تطرح ملفات كثيرة تعارض فيها سياسات عمل جهات بالدولة وتنتقد بدرجات كبيرة من الحرية والديمقراطية مسؤولين حتى ووزراء، ولكن الفرق بينها وبين هذه الصحافة الصفراء السوداء أنها تطرح القضايا لأجل علاجها ولأجل الترميم والبناء لمصلحة الوطن ونظامه وشعبه وتتحرى الدقة في خطابها الإعلامي، بحيث تبتعد عن إثارة الفتن وتأليب المجتمع ضد الدولة، بينما الصحافة السوداء نراها صحافة هادمة تنشر ملفات لأجل تمرير أهداف وأجندة خارجية وتركز على وزراء ومسؤولين تستهدفهم لأجل أهداف طائفية مقابل تجاهلها مسؤولين ووزراء آخرين وتطبل دائماً للخراب والفتن، وإننا نتحدى أن تثبت هذه الصحافة أنها تتكلم بلسان الشعب كله لا فئة معينة منه، ونتحدى أن تطرح ملفات الإسكان والبطالة والمناسبات الدينية لفئات وطوائف أخرى في المجتمع والتمييز الطائفي الذي تعاني منه هذه الفئات من الفئة التي تدعمها، بل ونتحدى أن تستعرض ما تمارسه أبواقها في الصحافة الإلكترونية وهي تصف الصحافيين المخلصين بأنهم عملاء للنظام وأبواق وبلطجية.
ختاماً، بمناسبة يوم الصحافة العالمي والبحريني نقولها بكل فخر؛ إن كان الدفاع عن شرعية البحرين بلطجية فنحن نهنئ أنفسنا بمناسبة يوم الصحافة أننا أكبر بلطجيه في حب البحرين ونظامها وشعبها والانتماء لهم، وأننا عملاء للحقيقة وشرعية الوطن وأبواق لن تسكت ولن تهدأ عن الصدح بالحق والدفاع عن الوطن دائماً، فالدفاع عن الوطن لا يشترط أن يكون ميدانياً وعسكرياً إنما أيضاً في هذا الزمن يكون إعلامياً، فهنيئاً لكل جندي إعلامي بمناسبة يوم الصحافة البحرينية حمله لدرع الحق والمحاربة من أجله، فشتان بين "صحافي النور" الذي ينور العالم بحقيقة البحرين وطيبة نظامها وشعبها ويحمل قناديل مشروع الملك الإعلامي ويفهم أهدافه وحدوده، وبين "صحافي الجمر" الذي يلهث وراء إشعال النار بأي طريقة ورمي جمرات الطائفية والكراهية على المجتمع.