تواصلاً مع قصة الفتاة البحرينية الهاربة إلى شقة تقيم فيها مع بويات؛ نستكمل في مقالنا هذا عدداً من الملاحظات التي تسلط الضوء على مكامن الخلل في آلية التعامل مع هذه الحالات التي تعد بمثل القنبلة المجتمعية الموقوتة التي تحتاج إلى سرعة تحرك وتدارك.
وإذا سأَلَنا عددٌ من النواب والمسؤولين الذين أبدوا تضامناً مع القضية إن كانت هذه هي الحالة الوحيدة الحاصلة، أكدنا أنه وردنا أن هناك أكثر من حالة، ففي المحرق وردنا أن هناك أربع حالات تقريباً ومثل هذه القصص في ازدياد، إلا أن تكتم الأهل وخوفهم من الفضائح منع ظهور مثل هذه القصص على السطح رغم أنها تحصل من سنين. كما وردنا أن هناك حالات تأتي البنت التي تود السفر خارجاً إما للزواج من أجنبي أو للعيش مع حبيبها غير البحريني إلى مركز الشرطة وتقدم شكوى ضد ولي أمرها الذي يكون قد أخفى جواز سفرها فيتم استدعاؤه وإجباره على تسليم الجواز لها لتسافر وتختفي الفتاة بعدها، مما يعكس أن هذا الموضوع في تطور وهو كالوباء الذي يبدأ بحالات معينة وقد يستفحل، خاصة أن أهل الفتاة قد ذكروا أن الجماعة التي تقف وراء هروبها يلقنونها القانون وقد ظلت تحسب من فترة كم تبقى لها من شهور حتى تصل إلى عمر 21 سنة لتهرب.
إن هذه القضية التي تشبه البركان المختبىء والذي لم ينفجر بعد في المجتمع لها أبعاد ثقافية خطيرة تؤثر على سمعة مملكة البحرين، وتحديداً سمعة بنات البحرين، وله بعد يؤثر حتى على ملف حقوق الإنسان، فعدد من الأهالي قد أبدوا استياءهم من التعامل غير الحازم والمتراخي مع هذه الحالات التي ستتكاثر بالطبع مستقبلاً وسيصبح الحال مثل الأجانب عندما تبلغ الفتيات سناً معينة يجمعون حاجياتهم ويتجهون إلى شقق ومنازل يعيشون فيها لوحدهم أو مع رجال أو بويات مما قد يجر معه أبناء غير شرعيين وما شابه من مشاكل مجتمعية خطيرة فيضحى اللقب الذي يلصق بمثل هذه الحالات على فتياتنا «فتيات شقق .. بنات دعارة « وهو ما لا يرضاه أو يقبله أحد مطلقاً.
كما رجح الكثير من الناس أنه حتى لو عادت الفتاة إلى المنزل فقد تتسبب بمشاكل لأهلها أو تحاول الانتحار أو تعاود الهروب، وهي نظرة مخالفة بالطبع لفطرة الأنظمة والقوانين التي وضعت لتنظم حياة الناس أصلاً، فحريتك تنتهي عندما تبدأ بالتعدي على حرية الآخرين، فأصل وضع القوانين يأتي من أجل الحفاظ على المجتمع ولا يمكن عندما يأتي شخص متهور يرغب مثلاً بقيادة السيارة بسرعة في الشارع مما قد يستبب بحوادث للآخرين أن يترك هكذا وإلا فلم وضعت عقوبات وإشارة ضوئية ومطبات وما شابه لتخفيف سرعته وضبط تهوره؟
إن فكرة ترك فتاة تمارس حريتها بالمطلق بحيث تهدم استقرار منزلها ومنازل الآخرين من ضحايا سيتفاعلون مع ما تقوم به غير مقبول إطلاقاً، فما تفعله هذه الفتاة وغيرها جر الكثير من المشاكل لأهلها ويهدد الحياة الزوجية لشقيقاتها مع أزواجهن، بل وحتى أخواتها اللواتي لم يتزوجن. ومؤخراً، سيضطر أبوها للسفر للعلاج بالخارج بسبب سوء حالته الصحية من قضيتها، فانحرافها قد يجر معه انحراف من سيدخلون في متاهة المشاكل بسببها وهكذا تكبر الدائرة وتستفحل.
أم الفتاة أوردت عدداً من الملاحظات الهامة التي أرادت أن تصل لمعالي وزير الداخلية على أمل فتح لجنة تحقيق ومقاضاة من تسبب بترك ابنتها في الشارع لأكثر من شهر على حد زعمها، حيث تدعي أنها عندما اتجهت إلى مركز الشرطة وظلت جالسة تنتظر استلام ابنتها ادعى أحد رجال الأمن أنها غير موجودة وقام بإخفائها في غرفة الانتظار وقفلها عليها مدعياً أنها مخزن، فلما أخبرته الأم أن هذه الغرفة قد كانت جالسة فيها من الصباح تنتظر ابنتها أخذ يلف ويدور، فيما قام آخر بإطفاء أنوار الطابق الأرضي عليهم مدعياً أن الكهرباء قد تعطلت فقام أحد إخوتها الذي يعمل في هيئة الكهرباء والماء بإبلاغهم بأنه في حال انقطاع الكهرباء هناك إجراءات تتخذ حيث من الواضح أنهم هم من أغلقوا الكهرباء عليهم أملاً في إخراجهم من مركز الشرطة ولما تساءلوا أليست الشرطة في خدمة الشعب قام شرطي بمضايقة الإخوة واستفزازهم أملاً في وقوع مشاجرة حتى إنه أخذ يقول لهم «هل تريدني أن ألقيك أنت ووالدك اليوم في الحبس؟»، وكان يحاول إخراجهم من المركز بأي طريقة، ولما خرجوا قاموا بوضع الفتاة في باص الشرطة ونقلوها إلى الشقة التي تقيم فيها وهي شقة كما سمع أهلها عنها تستخدم لأغراض الدعارة.
كما ادعى أخ الفتاة قيام أحد رجال الأمن بسؤاله ماذا ستفعل إن عادت إلى المنزل، ستسبب بالمشاكل لكم أيضاً؟ فقال إنه مستعد لمعالجتها في الطب النفسي فرد عليه، وكأن هناك استهزاء مبطناً «ومن أين لك المال لتعالجها؟ إن كلفة الجلسة الواحدة 300 دينار، وقد تساءل الأخ كيف تكون طريقة تعامل رجال الأمن الذين يمثلون القانون والأمن بهذه الطريقة؟
أم الفتاة تقول إنها اتجهت إلى أحد المستشارين النفسيين لعرض حالة ابنتها، وبعد مراجعته للمسألة ذكر لها أن ابنتها بالأصل قاصر لم تكمل السن القانونية كونها من مواليد 1994، بمعنى أنها خلال شهر ديسمبر القادم ستبلغ السن القانونية كما تقول: أي شخص تكلم مع ابنتي يقول إن عقلها عقل فتاة في العاشرة من عمرها وأنها تفتقر إلى النضج الفكري، فأي قانون هذا الذي يمنعني من إرشادها وتصحيح الأخطاء التي انجرت وراءها في غفلة ودون وعي منها؟ لقد تغيرت شخصية ابنتي بالكامل من فترة عندما وجدت الحرية واختلطت بالبويات، وإن كان القانون يقول إنه لم يعد لي حق في ابنتي بعد 21 سنة من تربيتها وأنها ليست ملزمة باختيار العيش معنا، لم اختارت بطني هي عندما حبلت بها ولم تتجه لأم أخرى؟ فهذا غير منطقي أبداً ويخالف فطرة الأم التي تحافظ على أبنائها، إن أحد المسؤولين بالجهات الأمنية كان يتكلم مع والدها شبه المشلول الذي أخبره بأنه عاجز عن حمايتها، لذا سيتكفل أخوها الكبير بحمايتها، فتفاجأنا بعدما خرجنا من عنده، بأن الموضوع قد قلب علينا، وتم ادعاء أننا غير قادرين على حمايتها؟ كيف تعيش بيننا 21 سنة ونحن نحميها واليوم نصبح غير قادرين؟ هل يعني هذا أن الشارع والشقق والبويات اللواتي تقابلهن في الفنادق أرحم عليها منا؟ وحتى عندما حاولنا أن نتبرأ منها ذكروا لنا أن التبرؤ سيكون شكلياً بمعنى أنه لا يمكن إسقاط حقوقها في الورث وحمل اسم العائلة وما شابه، فأين حقوقنا وأين العدالة في هذا القانون والتعامل الذي وفر لها كل الضمانات والحرية والحقوق وحرمنا من كل شيء؟ ابنتي سرقت من أمامي واقتيدت إلى طريق الانحراف بعلم من المسؤولين في الجهات الأمنية وليس لي فرصة حتى لحمايتها ممن يود استغلالها؟ أمعقول هذا؟