القمة التشاورية الخليجية التي تستضيفها الرياض تختلف عن بقية القمم التشاورية لأنها تعقد وسط أجواء حرب ينفذها التحالف العربي بقيادة السعودية من أجل استعادة الشرعية في اليمن، وهو الوضع الذي لم يكن قائماً خلال أي قمة تشاورية خليجية سابقة.
هذه القمة تمثل استثناءً لأنها تعقد في وقت مازالت فيه الكثير من الملفات مفتوحة، بعضها يمس دول مجلس التعاون الخليجي مباشرة، والبعض الآخر له تداعيات مباشرة على منظومة هذه الدول.
لنبدأ في الحديث عن هذه الملفات التي قد يشكل الملف اليمني فيها أولوية قصوى، فمازالت العمليات العسكرية مستمرة، ومواجهات القبائل اليمنية لميليشيات الحوثي متواصلة. عملياً دول مجلس التعاون منخرطة في هذه العمليات، وانتقلت من مرحلة عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل، والتحدي هنا يظهر في كيفية تحقيق الأهداف المحددة لهذا الانخراط العسكري متمثلاً في درء خطر الحوثيين هناك وعودة الرئيس اليمني الشرعي إلى صنعاء وليس عدن وفق تسوية سياسية شاملة يتوافق عليها اليمنيون أنفسهم.
هناك قوى إقليمية تتمثل في إيران ترغب في تحويل الأوضاع في اليمن إلى تلك الأوضاع المشابهة التي تمكنت طهران من خلقها في بغداد ودمشق وبيروت من فوضى سياسية وأمنية وصراعات طائفية لا تنتهي.
والتحدي الذي تواجهه دول مجلس التعاون في اليمن يتمثل في معادلة تقوم على تحقيق الأمن والاستقرار من جهة وعودة الشرعية من جهة أخرى.
يبقى الملف النووي الإيراني من الملفات المهمة التي يجب أن تناقش في القمة التشاورية نظراً لما يمثله من تحد إقليمي ودولي، حيث يقترب موعد إعلان التفاصيل النهائية بين طهران والترويكا الغربية، ومازالت دول الخليج بحاجة ليس إلى مزيد من التطمينات الأمريكية والغربية بل بحاجة إلى إجراءات وأفعال تضمن إنهاء قدرات إيران النووية.
من الملفات الأخرى المهمة، الحرب الدولية على الجماعات الإرهابية مثل داعش في البؤر العربية الملتهبة إلى منطقة المغرب العربي، حيث تتطلب رؤية خليجية عربية لكيفية مواجهة هذا التحدي خلال الفترة المقبلة، وما إذا كان هناك جدوى للاستمرار في التحالف الدولي واستمرار تنفيذ العمليات الجوية في العراق وسوريا ضد الجماعات الثيوقراطية.
أيضاً ملف العلاقات مع واشنطن من المتوقع أن يكون حاضراً مع اقتراب موعد القمة الأمريكية - الخليجية المقرر إقامتها في كامب ديفيد بدعوة من الرئيس أوباما. هذا الملف لم يحسم حتى الآن وسط تذبذب العلاقات وحالة التباعد غير المستقرة، ومع التوقع بحضور الرئيس الفرنسي القمة التشاورية الخليجية فإن هناك مؤشرات على عدم التحسن في العلاقات مع غياب مؤشرات الثقة المتبادلة.
تلك أهم الملفات التي يتوقع أن تثار في القمة الخليجية التشاورية، ولكن السؤال الأهم بشأنها هو إلى أي مدى دول المنظومة الخليجية قادرة على ترتيب أولوياتها، والحفاظ على قوتها السياسية والعسكرية التي أظهرتها مؤخراً.